لقاء في الطابور: "رضينا بالذلّ والذلّ مش راضي فينا" | أخبار اليوم

لقاء في الطابور: "رضينا بالذلّ والذلّ مش راضي فينا"

كارول سلّوم | الخميس 26 أغسطس 2021

صمت مطبق ... وقصة تختصر المعاناة

كارول سلوم -"أخبار اليوم"

تواعد العم صالح وصديقه عامر على اللقاء من أجل الفضفضة.  وهما اللذان درجا على الاجتماع مرتبن في الشهر لتبادل الهموم والأسرار بعد ما احيلا   على التقاعد من وظفيتيهما  في إحدى إدارات الدولة اللبنانية.

صودف أن اجتماعهما المقرر تزامن مع أزمة البنزين المشهورة. للوهلة الأولى بدا وكأن الرجلين تخليا عن مبدأ اللقاء وما يحمله من متعة في التسامر عن ذكريات مرت في العمل أو عن مدراء تعاقبوا، منهم من اتسم بالكفاءة ومنهم من عين بالواسطة.

 هذه الذكريات عن موظفين وزملاء في العمل، وعن موظفة تعدّ القهوة وربحت في اليانصيب، وعن أخرى لم توفق في زيجاتها، وعن زميل لم يعرف ليله من نهاره لتقديم المعونة لعائلته والتعليم لأبنائه متمما واجباته على أكمل وجه قبل أن يعاجله الموت بذبحة قلبية. 

يختصر صالح وعامر حكاية معظم اللبنانيين، وعندما يجتمعان تعلو الضحكات وتكثر الأحاديث والنكات، يرويان قصة نضالهما في العمل وتلبية متطلبات العائلة في أيام الحرب والسلم...

تمر لحظات ويتوقف فيها الكلام وحدها الدموع التي انهمرت على وجنتي صالح تدفع صديقه إلى الانتفاض، فيبذل جهدا لأضحاكه وجعله ينسى كيف خسر ابنه بسبب السرطان. لقد كانت لحظات صعبة مرت على الرجلين اللذين عاشا احلى الأيام وامرها.

ويحاول عامر وعلى الطريقة اللبنانية تغيير " الشنكاش" فيحمل صالح على تذكر زفاف ابنته في فصل الشتاء وكيف تعطلت سيارة العريس وجلباه وعائلته بفان خاص متحدين العواصف والرعود واعوجاج الطرقات. اما حادثة توقف المصعد الكهربائي بسبب انقطاع التيار الكهربائي فلها قصة أخرى لأنهما علقا فيه مع موظف أجنبي كبير  فيسردان كيف بدأا حينها "يترغلان" بالاجنبي دون اتقان عن الوضع والكهرباء و"تزمط" كلمة باللبناني عن مرارة الأمر فيرد الموظف الأجنبي باللهجة اللبنانية: "شو هيدا. الله يعين"... فبنفجر الصديقان من الضحك ويختبئان من شدة الخجل . لقد كانا يتبارزان بالكلام الأجنبي.

ولأن الصديق وقت الضيق، فإن عامر لا ينسى وقفة صديق العمر معه حين مده بالدولار الفريش مرخرا لشراء قطع لسيارته وهذا المبلغ أرسلته له ابنته من الخارج.

كان اللقاء الموعود بينهما الأسبوع الماضي في ظل استفحال أزمة الوقود . إدارا سيارتيهما وتوجها إلى أقرب محطة في الرابعة فجرا. الطابور هو نفسه. الأنتظار هو نفسه. المشهد مضحك ومبك في آن.

التقى العم صالح وصديقه عامر في صف الطابور نزلا من سيارتيهما، لم يتعانقا ولم ينطقا بكلمة. نسيا تبادل عبارات الاشتياق والمودة  لكن ما ظهر على  وجهيهما افصح عما ارادا قوله: "رضينا بالذل والذل مش راضي فينا".

للاطلاع على تحقيق مصور، تحت عنوان: "بين الحنين و"فشة الخلق"... هكذا كنا أيام الـ 1500"، اضغط هنا

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة