"ايام تنذكر وما تنعاد"... على وقع الحديث عن حرب هل نعود الى الملاجئ؟! | أخبار اليوم

"ايام تنذكر وما تنعاد"... على وقع الحديث عن حرب هل نعود الى الملاجئ؟!

كارول سلّوم | الخميس 27 يونيو 2024

"ايام تنذكر وما تنعاد"... على وقع الحديث عن حرب هل نعود الى الملاجئ؟!

جيل يحمل عنها الكثير من الذكريات والالم... وجيل لا يعرف شيئا فهل يخوض التجربة؟!

 

كارول سلوم – "أخبار اليوم"

في سنوات الحرب المرّة التي مرت على لبنان، كان المواطنون المنقسمون بين ما يعرف بمصطلح "الشرقية" و "الغربية"، وعلى وقع القصف والقذائف كانوا يقصدون "الملجأ" لشعورهم بالأمان وحماية احبائهم وأنفسهم من النيران الهمجية، وبقي هذا الملجأ الحصن الأساسي لمن يقصده، وأما تمركز في الطابق الأسفل من البناية أو في مستودع او قاعة محصّنة، لم يكن ذلك مهما أيام السواد الأعظم في الحرب، ولم يكن مهما شكله ولا تقسيمه أو توزيعه، لأن الأساس هو وجوده للوقاية.  لم يمنع الملجأ ضجيج أصوات المدافع والقذائف، التي كانت تترافق وتمتزج مع أصوات تنهدات النسوة وبكاء الأطفال.

من دون كهرباء، قضى اللبنانيون اوقاتهم فيه، كانت تكفي الشموع المضاءة أو القناديل إذا توفرت، لم يكن هناك من "نق" عن تغذية الكهرباء أو المولدات، ولم يشكُ أحد من قلة المياه، لأن الصلوات رفعت لدرء الخطر وحفظ الارواح فقط.

أيام الملجأ يستعيدها من تعايش معه، ومن بنى صداقات مع الحاضرين ومن اتيح له أن يشارك خبربة أو لعبة ورق أو غير ذلك. والاحتفال الأعظم  قام إذا سُمع خبر عن وقف إطلاق النار أو هدنة لساعات قليلة.

وفي تلك الأيام، عرف اللبنانيون أن اصالتهم ولدت من صلب المواجهة. وكان المذياع أو الراديو الذي يعمل على "البطاريات" رفيقهم الدائم،  فمنه يستقصون المعلومات ومن خلاله  يتنورون. 

قليلة كانت الملاجىء في لبنان، انما في كل منها قصة صبر ونضال وعون ولقاء احبة.

 اليوم عاد " الملجأ " إلى الأذهان بعدما تناساه البعض وهدمه البعض الآخر إثر  توقف الحرب،  أما في الابنية القديمة ، فقرر سكانها المحافظة عليه، لكنه تحول مع الوقت أو قلة الاستخدام إلى مكب للنفايات أو مأوى للحشرات.

اليوم مع الحديث عن إمكانية توسع الحرب في الجنوب، بدأت فئة من اللبنانيين تحزم العدة للتوجه إلى أقرب ملجأ، ولو أنها تعلم أن العتاد الحديث في الحرب والتقنيات التي تستخدم قادرة على نسفه لا بل ابادته.

 

"لا ضرر من تحضير ملجأ البناية " تقول سميرة س. لوكالة "أخبار اليوم"، وتشير إلى انه آمن وواسع وكان مقصدا للعائلات القاطنة في البناية وتلك المجاورة، لكنه يحتاج إلى تأهيل وتنظيف، فآخر مرة استخدم في ايار العام ٢٠٠٨، وقبله في حرب تموز.

وتضيف: اليوم وبعدما ارتحنا من الحرب، لا نريدها مجددا ولا نريد قضاء ايامنا المقبلة في الملجأ. لقد شبعنا خوفا، إنما إذا كانت هناك من حرب قادمة، فما علينا إلا اللجوء إليه كأفضل الخيارات المتاحة.

 

من جهتها، توضح مهى ع. أن الدولة اللبنانية لم تجهز أية وسيلة لحماية مواطنيها، وما من ملاجىء متطورة تمّ العمل على إنجازها، وهكذا إذا حصل مكروه أو اندلعت حرب في غفلة، هناك مواطنون سيبقون في منازلهم لا محالة، وما عليهم عندها إلا الدعاء، قائلة: "نحنا مش قد الحرب".

 

ويقول ابو يوسف الذي عرف الملجأ أيام الحرب الأهلية انه عندما يسمع به، يستذكر اكياس الرمل التي كان يحملها مع الشباب لوضعها على  مدخله، ويستذكر ايضا كيف أن صديقه طلب يد جارته في الملجأ واحتفل مع سكان البناية بالخطوبة على وقع "لعلعة الرصاص". ويشير إلى أن الذكريات كثيرة من صراخ الأطفال ونقل الناس والفرش والاغراض الأساسية وتوفير الخبز وغير ذلك، وكلها ماثلة في الذهن، ولكنها "تنذكر وما تنعاد".

 

ملجأ السبعينات يختلف عن ملجأ التسعينات والقرن الحادي والعشرين، والجيل الحاضر الذي لم يختبر فظاعة الحروب لن يسأل عن لعبة الورق أو عن لعبة الاحاجي بل سيسأل عن العابه الألكترونية وغيرها وقبل كل ذلك سيسأل متى نعود إلى منزلنا، لأن الملجأ ليس مكانا للراحة ولن يكون.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار