الرئاسة والحكومة... أصغر بكثير من الحاجة الى "تجديد" إيديولوجي كبير فهل تسرّع إيران تقسيم لبنان وسوريا؟
الميثاقية لا تقول إنه يجب أن يكون وزراء طائفة معيّنة من جهة سياسية واحدة أو من تحالف واحد
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بين ملموسات على الأرض تُفيد بأن هناك فريقاً محلياً بدأ يجني الثمار السياسية لنتائج المواجهة العسكرية الإقليمية التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، والتي لا تزال مستمرة حتى الساعة بأشكال متعدّدة، وبين أخرى تؤكد الحرص على الوحدة الوطنية، تبرز وقائع لا يمكن لأي مواطن عادي إلا أن يلاحظها، وهي انخفاض التأثير السياسي لإيران بشكل واضح جداً، خصوصاً في الاستحقاقات اللبنانية والسورية مؤخراً.
متغيّرات
صحيح أن اللّعبة اللبنانية الداخلية لا تزال على حالها تقريباً حتى الساعة، من حيث الشكل، وذلك بما يخالف ما جرى في سوريا. ولكن نَفَس المتغيّرات بات واضحاً حتى في لبنان، ولو بنسبة معيّنة، ظهرت بإحدى أشكالها أمس في التذمُّر ممّا يُسمّى محاولات بعض الأفرقاء للشرذمة والإقصاء... لا سيّما بعد تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة، بموازاة المطالبة بحكومة ميثاقية.
فهل تكفي الحكومة الميثاقية، حتى ولو تمّ تشكيلها بالمفهوم الميثاقي للفريق الحليف لإيران في لبنان، لتلبية ما يريده هذا الفريق بالفعل؟ وهل يمكن لتلك الحكومة إذا شُكِّلَت أن تعوّض أو أن تغيّر صورة الواقع النّاجم عن مرحلة ما بعد 7 أكتوبر 2023؟ وماذا لو لم ينجح أي نوع من الحكومات في لبنان مستقبلاً، بتلبية الحاجات السياسية وغير السياسية الجديدة، لفريق داخلي معيّن؟ وهل يمكن لمثل تلك الأمور أن تفتح أبواب البحث بصِيَغ جديدة للبنان مثلاً؟
التقسيم؟
وماذا لو دخلت إيران على الخط مستقبلاً، في معرض بحثها عن أُطُر إيديولوجية جديدة لأنشطتها السياسية والعسكرية في المنطقة؟ وهل تفضّل إيران مثلاً الذهاب في اتّجاهات داعِمَة لتقسيم بعض دول الشرق الأوسط على الأقلّ، وتحديداً تلك التي شهدت طهران فيها الكثير من التراجُع العسكري منذ أكثر من عام، انطلاقاً من أن التقسيم يمكنه أن يكون أفضل لها (إيران) من الإبقاء على دول موحَّدَة (في لبنان وسوريا مثلاً وغيرهما) قادرة على الاستثمار السياسي بالضّعف العسكري الذي أصاب المعسكر الإيراني في المنطقة، منذ أكثر من عام؟
الميثاقية
اعتبر مصدر مُطَّلِع أن "ليس سهلاً على الإيرانيين أن يُقسّموا، ولا أن يفضّلوا التقسيم في أي بلد كان. فأن يقوموا بافتعال مشاكل مثلاً، هو أمر مختلف كلياً عن سعيهم الى التقسيم أو دعمه. هذا مع العلم أنهم إذا فكّروا بذلك، فقد يصل (التقسيم) الى إيران نفسها، نظراً لما لديها من مشاكل كثيرة هي أيضاً".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "الميثاقية هي لبنان، ويجب أن تكون محفوظة في كل الأحوال. ولا يمكن لحكومة أو لرئيس حكومة أو لرئيس جمهورية أو لحكم قديم أو جديد أن يتجاوزوها، فهذا أمر ثابت وأساسي. ولكن لا بدّ من التحذير هنا من أنه ليس كل من يتحدث عن الميثاقية يُصبح مطلبه ميثاقياً بالفعل. فالميثاقية تنبع من أُسُس وأصول، وهي ليست مادة للتهويل، بينما قد يقصد بها البعض ما يناقض ميثاق العيش المشترك والدستور. وبالتالي، الميثاقية تعني الشعب اللبناني مجتمعاً وليس أحزاباً لبنانية معيّنة بحدّ ذاتها، ولا مصالحها حصراً. ولا يمكن لأحد أن ينسحب من الميثاقية، ولا أن يطلب شيئاً يعاكس النظام العام أو الدستور أو القانون، وأن يقول في ما بعد إنها (الميثاقية) غير مُطبَّقَة أو مُنتَقَصَة".
مسألة وطنية
وأكد المصدر أن "حقوق الطائفة الشيعية محفوظة في كل شيء بالدستور. والوطن نفسه يحفظ لها حقوقها، ورئيس الجمهورية يحفظها، ورئيس الحكومة أيضاً، تماماً كما يحافظان على صلاحياتهما ودورهما، وذلك على غرار أوضاع كل باقي الطوائف اللبنانية".
وأضاف:"الإطار الواقعي الحالي في لبنان يجعل التمثيل النيابي للشيعة في يد جهة واحدة تحتكر كامل نواب الطائفة. ولكن الميثاقية لا تقول إنه يجب أن يكون وزراء طائفة معيّنة من جهة سياسية واحدة، أو من تحالف واحد مثلاً. وبالتالي، إذا تمّ توزير شيعة من غير "الثنائي الشيعي"، فإن ذلك لا يمسّ بالميثاقية، وذلك تماماً كما أن توزير دروز من غير فريق وليد جنبلاط أو تحالفاته السياسية، وكما أن توزير مسيحيين أو موارنة من غير "القوات" أو "الكتائب" أو "الوطني الحر" لا يمسّ بالميثاقية أيضاً".
وختم:"الميثاقية هي مسألة وطنية عامة، ترتبط بالجماعات اللبنانية كلّها بكامل طوائفها، وليس بأحزاب معينة بحدّ ذاتها. ولا يوجد أي نصّ دستوري يسمح لجهة واحدة حصراً بأن تحتكر تمثيل طائفتها، أو الشعب اللبناني عموماً".