رويترز
توجّه وفد من حزب "المساواة والديموقراطية للشعوب" التركي المناصر للأكراد اليوم الخميس لزيارة زعيم حزب العمّال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان الذي من المتوقّع أن يقدّم لأعضاء الوفد بياناً تأمل أنقرة في أن يمهّد الطريق أمام الجماعة المحظورة للتخلّي عن السلاح.
وقال الحزب إن الوفد المكوّن من 7 أفراد توجّه إلى السجن المحتجز فيه أوجلان على جزيرة إمرالي في جنوب إسطنبول، لتكون هذه هي ثالث زيارة لأوجلان منذ كانون الأول/ديسمبر.
وتأتي الزيارة في إطار محاولة الحكومة لدفع أوجلان إلى دعوة حزب العمّال الكردستاني إلى إلقاء السلاح ما قد ينهي حملة التمرّد التي تشنّها الجماعة ضد الدولة التركية منذ عام 1984 وأسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.
وسيكون لهذه الخطوة تأثير كبير على تركيا بعد صراع استمر أربعة عقود وتسبّب في أضرار اقتصادية جسيمة وتأجيج التوتّر الاجتماعي.
وسيتحوّل الانتباه بعد ذلك إلى رد فعل قادة حزب العمّال الكردستاني في جبال شمال العراق.
ومن المقرّر أن يعقد حزب "المساواة والديموقراطية للشعوب" مؤتمراً صحافياً في إسطنبول الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش لكشف نتائج محادثاته مع أوجلان ونشر البيان المتوقّع منه.
ويعيش أوجلان في عزلة شبه كاملة في إمرالي منذ عام 1999، ولا يتمكّن من التواصل مع العالم الخارجي إلا نادراً.
ويأمل حزب "المساواة والديموقراطية للشعوب" في أن تكون رسالة أوجلان مصوّرة لأن هذا سيكون له تأثير أكبر، لكن مصادر من الحكومة والحزب الحاكم أبدت معارضة لأي رسالة مصوّرة بسبب الحساسيات تجاه حزب العمّال الكردستاني الذي تصنّفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيماً إرهابياً.
وقال وزير العدل التركي يلماز تونتش أمس الأربعاء إن من غير الممكن تلبية طلب الحزب الحصول على رسالة مصوّرة من أوجلان، تماشياً مع بيانات حكومية سابقة.
وانضم فايق أوزغور إيرول محامي أوجلان، للمرّة الأولى إلى الوفد المتوجّه إلى إيمرالي.
ولفت نائب رئيس الحزب تونجر بكرهان الذي يرأس الوفد إلى أنّ "أوجلان يعدّ الطريق للسلام".
وأضاف أخيراً "لا يريد (أوجلان) أن يكون الأكراد أحراراً في التحدّث بلغتهم فحسب، بل يريد أيضاً أن يكون أي تعبير ديموقراطي ممكناً" في البلاد.
وكانت الحكومة التركية التي بادرت إلى هذه العملية عبر حليفها زعيم "حزب الحركة القومية التركية" دولت بهجلي، قد اقترحت إخراج أوجلان من عزلته بعد 27 عاماً في السجن.
غير أنّ الإفراج عن أوجلان يبدو غير مرجّح، نظراً إلى التهديدات بالانتقام التي تطاله.
يد ممدودة وقمع
وأكّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي لم يتحدّث كثيراً عن هذا الموضوع، مراراً سياسة "مد اليد للإخوة الأكراد"، بينما زاد الضغوط على المعارضة، خصوصاً على حزب "المساواة والديموقراطية للشعوب" الذي فُصل عشر رؤساء بلديات ينتمون إليه من مناصبهم خلال العام الماضي.
ومن أبرز هؤلاء رئيس بلدية ماردين (جنوب شرق) أحمد تورك (82 عاماً) الشخصية المعروفة في الحركة الكردية، الذي يزور إيمرالي الخميس.
وشهدت الأشهر الأخيرة سلسلة اعتقالات طالت مئات الأشخاص بتهمة الإرهاب، ومن بينهم ناشطون سياسيون ومسؤولون منتخبون وفنّانون وصحافيون.
ورغم الكاريزما التي يتمتّع بها أوجلان، يشير خبراء إلى حالة من عدم اليقين تحيط برد فعل مقاتلي حزب العمّال الكردستاني، الذين انسحب معظمهم إلى جبال قنديل في شمال العراق.
وقال دبلوماسي غربي في تركيا "يمكنهم أن يقولوا (المقاتلون) إنّه بما أنّ أوجلان محتجز، فهو لا يتحدّث بحرّية، وبالتالي قد يواصلون القتال"، متوقّعاً أن تنفّذ أنقرة ردّاً عسكرياً فورياً في حال حصول ذلك.
وتتّهم تركيا حزب العمّال الكردستاني أيضاً بالقتال في شمال شرق سوريا إلى جانب قوّات سوريا الديموقراطية.
غير أنّ هذه القوّات تحظى بدعم الولايات المتحدة في إطار محاربة الجهاديين وتنظيم "داعش".
ولفت المؤرخ حميد بوزارسلان من معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية والإنسانية في باريس، إلى أنّ لا أحد يعرف في هذه المرحلة نيات واشنطن التي تحتفظ بقوّاتها على الأرض.
ودعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مراراً السلطات الجديدة الحليفة لأنقرة في دمشق، إلى نزع سلاح قوّات سوريا الديموقراطية.
وقال "هذا لا يشكل تهديداً لأمننا فقط، ولكن للمنطقة بأسرها".