أوجلان يدعو المقاتلين إلى إلقاء السلاح
احتمال أن ينتهي الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 40,000 شخص على مدى 4 عقود
بن هابارد- نيويورك تايمز
دعا زعيم الحركة المسلحة الكردية التي تخوض تمرّداً دموياً ضدّ الدولة التركية، يوم أمس، الجماعة إلى إلقاء السلاح وحَلّ نفسها، في إعلان محوَري قد يساعد في إنهاء صراع دام 40 عاماً.
حزب العمال الكردستاني، المعروف اختصاراً بـ P.K.K، مُصنِّف كمنظمة إرهابية من قِبل تركيا والولايات المتحدة ودول أخرى. وقد وجّه زعيم الجماعة، عبد الله أوجلان، هذا النداء في بيان مكتوب تُليَ خلال مؤتمر صحافي عقده أعضاء الحزب السياسي الرئيسي المؤيّد للأكراد في تركيا، بعد أن زاروه في السجن.
دعا أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء أسلحته، قائلاً في البيان، إنّ الجماعة تجاوزت عمرها الافتراضي ويجب أن تتخذ قراراً بحل نفسها.
وجاء في البيان، الذي تُلي أولاً بالكردية ثم بالتركية: «إعقدوا مؤتمراً واتخذوا قراركم. يجب على جميع الجماعات إلقاء أسلحتها، ويجب على حزب العمال الكردستاني حل نفسه».
امتلأ المؤتمر بالصحافيِّين والساسة الأكراد. وصاح بعض الحضور بالتصفيق الحار، ووقفوا تحيةً عندما ظهرت صورة لأوجلان على الشاشة.
أثار هذا النداء النادر من أوجلان احتمال أن ينتهي الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 40,000 شخص على مدى 4 عقود. كما يمكن أن يكون له صدى عبر الحدود، نظراً للتأثير العميق الذي يتمتع به أوجلان على أعضاء الجماعة في تركيا والعراق، وكذلك على الميليشيات الكردية المرتبطة بها في سوريا وإيران.
لكن لم تكن هناك مؤشرات واضحة حول الخطوة التالية. لم يكن هناك نقاش علني يُذكَر حول مَن سيراقب تنفيذ دعوة أوجلان، أو ما الذي سيحدث للمقاتلين الذين سيمتثلون لها، أو ما إذا كانت الحكومة قدّمت أي مقابل لنزع السلاح.
جاء نداء أوجلان بعد سلسلة من المحادثات التي شملت مسؤولين أتراكاً، وأوجلان نفسه، وأعضاء من حزب «الحرية والمساواة والديمقراطية» (D.E.M)، وهو الحزب السياسي الرئيسي المؤيِّد للأكراد في تركيا.
في خطاب ألقاه أمام أعضاء حزبه السياسي في كانون الثاني، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ الحكومة لم تُقدِّم أي تنازلات لجماعة أوجلان، لكنّ إنهاء الصراع سيكون مفيداً لكل من الأتراك والأكراد على حدٍ سواء.
وأضاف أردوغان: «كان هدف المحادثات هو دفع الجماعة الإرهابية إلى حل نفسها، وتسليم أسلحتها من دون شروط». لكن في مقابلة نُشرت الأسبوع الماضي على وكالة أنباء فرات، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، أشار أحد القادة البارزين في الجماعة، دوران كالكان، إلى أنّ العديد من القضايا لا تزال من دون حل.
وأضاف كالكان: «لا ينبغي لأحد أن يظن أنّ هناك مفاوضات سهلة ستُجرى على الطاولة، وأنّ التوقيعات ستُوضع وكل شيء سيُحل. الطرف الآخر يُريد القضاء على حزب العمال الكردستاني».
تخوض الجماعة قتالاً ضدّ الدولة التركية منذ أوائل الثمانينات، ونفّذت هجمات على مراكز الشرطة والمواقع العسكرية، وتفجيرات أودت بحياة العديد من المدنيِّين. وقد بدأت كحركة انفصالية تسعى إلى إقامة دولة مستقلة للأقلية الكردية في تركيا، لكنّها تؤكّد الآن إنّها تسعى إلى تحقيق حقوق أوسع للأكراد داخل تركيا.
بالنسبة إلى العديد من الأتراك، يُعتبر أوجلان أخطر إرهابي في البلاد. وغالباً ما يصفه المسؤولون الأتراك ووسائل الإعلام بأنّه «قاتل الأطفال» أو «الإرهابي الأكبر». وأُدين عام 1999 بقيادة جماعة إرهابية مسلحة، وظل في السجن منذ ذلك الحين، مع ندرة ظهور صُوَره. حاولت تركيا وحزب العمال الكردستاني مراراً حَلّ النزاع، وكان آخر جهد جاد من خلال محادثات السلام التي بدأت في عام 2011. لكنّ المفاوضات انهارت عام 2015، ممّا أدخل الصراع في مرحلة دموية جديدة.
في تشرين الأول الماضي، وجّه حليف سياسي قوي لأردوغان نداءً مفاجئاً علنياً إلى أوجلان، طالباً منه أن يدعو مقاتليه إلى إلقاء السلاح وإنهاء الصراع. وأدّى ذلك إلى زيارات محدودة أجراها أقارب وحلفاء سياسيّون لأوجلان لاستكشاف إمكانية بدء عملية سلام جديدة.