حلّ أزمة السير... إنجاز متواضع برسم وزارة الداخلية الغائبة

حلّ أزمة السير... إنجاز متواضع برسم وزارة الداخلية الغائبة

image

حلّ أزمة السير... إنجاز متواضع برسم وزارة الداخلية الغائبة
من معضلة الفاليه باركينغ الى آفة التسول!

عماد الشدياق - "نداء الوطن"

أما وقد نالت حكومة الرئيس نواف سلام الثقة وعقدت أمس أولى جلساتها، فلم يعد بمقدورها الانتظار من أجل التحرّك. الوقت المتبقّي من عمرها داهم، ولا تملك تَرَف هدره. إذ لن يتخطى الـ14 شهراً، وربما أقل باعتبار أنّ الأشهر الثلاثة التي ستسبق الانتخابات النيابية ستُدخل السلطة برمتها في حالة "كوما" سياسية، تصيبها بالشلل في عملها السياسي الذي سيقتصر على تنظيم الانتخابات.

يمكن القول إنّ وزارة الداخلية هي الأكثر قدرة على ضخّ هذا الشعور في نفوس اللبنانيين، وذلك من خلال إنجازات متواضعة صغرى يمكن تحقيقها وتكون بمنزلة "هدايا مجانية" للحكومة قبل خوضها في ورش الإصلاح الكبرى والتغيير في الاستراتيجيات وبناء الهوية الاقتصادية الجديدة المزعومة، وأهمّها التالي:

- أزمة السير: ترزح العاصمة بيروت تحت زحمة سير خانقة. لا تقتصر الزحمة على ساعات الذروة عند تنقّل الموظفين والطلاب صباحاً أو بعد الظهر، بل تترافق مع ساعات النهار، نتيجة الفوضى على الطرقات. فالسيارات تركن بشكل عشوائي من دون أي حسيب أو رقيب. ناهيك بركنها أفقياً في ظاهرة غريبة تأكل من مساحة الطرقات.

ينقل جيران المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (منطقة المتحف) عنه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بعد أن طالبوه بنشر بعض العناصر خوفاً من السرقات والتفلّت الأمني، رفضه التحرّك. وحينما سألوه عن السبب قال: "لن نعمل قبل عودة الشيخ سعد الحريري" (على ذمة الراوي).

بهذه العقلية تُدار مصالح المواطنين وأهل العاصمة. بالحسابات السياسية والكيد. ولهذا لم يعد مقبولاً أن تتقاعس مديرية قوى الأمن الداخلي وتتحجّج بالأزمة الاقتصادية وبضعف الرواتب ونقص العديد لعدم القيام بواجباتها وتنظيم السير ومكافحة المخالفات التي تأكل من صحن الاقتصاد ونموه، ومن مجهود الناس فتستنزف قواهم على قارعة الطريق كل يوم لساعات.

- معضلة الـ "فاليه باركينغ": هذا الملف لا بدّ لوزارة الداخلية أن تتحرك مع المحافظات والبلديات من أجل تنظيمه. فهذه الوظيفة أمست بمنزلة "نصبة". في كل منطقة وعند كل تقاطع ثمة مجموعة من الشبان يقفون عند الأرصفة وأمام الفنادق والمقاهي والمطاعم. يفرضون تسعيرات متفاوتة على الزبائن وفي بعض الحالات بالإكراه.

التسعيرات تتراوح من 300 وصولاً إلى 700 ألف ليرة في بعض الأماكن، وهذا الفرق يعود إلى فخامة المكان وحجم إقبال الناس عليه... ولا بدّ من وضع حلّ جذريّ للعاملين في هذا القطاع من خلال تنظيم عمل هؤلاء وفرض تسعيرة موحدة عليهم في كل المناطق، مع التذكير بأنّهم يستغلون أملاك الدولة من أجل التربّح. وبالتالي فلا بد أن يكون للدولة من هذا المردود الخيالي نصيب.

- آفة المتسولين: هذه الظاهرة زادت عن حدّها، وأمسى عدد المتسولين في بعض مناطق العاصمة بعدد المارة، خصوصاً في المناطق التجارية والسياحية مثل الأشرفية وفردان والحمرا، التي يُفترض أن تكون خالية من هذه الظاهرة.

فإن كانت الحكومة وخلفها وزارة الداخلية حريصة على جذب السياح باعتبارهم عاملاً داعماً للاقتصاد ومحفزاً لنجاح خطة النهوض، فلا بدّ من البحث عن حلّ لهذه الآفة بأسرع وقت، خصوصاً أنّ بعض هؤلاء المتسولين يمتهنون السرقة ويستغلّون الأطفال على يد بعض العصابات غير اللبنانية.

- طامة الدراجات النارية: لا أحد ينكر أنّ الدراجات النارية استطاعت أن تحلّ أزمة تنقّل الناس قبل وخلال الأزمة، خصوصاً حينما تآكلت القدرة الشرائية للرواتب، وأمست الدراجات بديلاً بديهياً للتنقل بالتاكسيات والباصات المرتفع الثمن نسبة للرواتب.

لكن يستحيل أن تبقى الدراجات متفلتة من أيّ عقاب. لا يمكن أن تُترك للتحرك بلا تسجيل أو رخص قيادة، وسلك أصحابها الطرقات بعكس السير معرضين حياتهم وحياة سائقي السيارات للخطر. ولا حتى بلا لبس الخوذ، أو تحوّلها إلى "باصات" تنقل عائلة كاملة من أب وأم وأطفال.

وفي المقابل، لا يمكن مكافحة هذه المخالفات من خلال حرمان أصحابها من وسيلة نقلهم الوحيدة. الطريقة المثلى تكون بمنح جميع سائقي الدراجات مهلة زمنية محددة من أجل تسوية أوضاعهم والحصول على رخص قيادة أو تسجيل الدراجات، تزامناً مع تكثيف الحواجز من أجل حضّ السائقين على الالتزام بالقوانين... ثم بعد هذه المهلة تبدأ حملة صارمة من أجل فرض النظام.
هذه المواضيع الأربعة حلّها بسيط. لا تتطلّب قوانين إصلاحية في البرلمان، ولا رضى أو رغبة من الأحزاب أو من الجهات الإقليمية، ولا حتى الأموال. جلّ ما هو مطلوب لتنفيذها: إرادة سياسية جدية وحازمة بالتحرّك والعمل بصدق من أجل إنقاذ العاصمة من الفوضى.