في غزة المدمرة... زوجان تبنّيا طفلة فأسموها "جنة"
الحرب التي أبادت عائلات بأكملها مخلفة عددا كبيرا من الأيتام
"أ ف ب"
في مدينة غزة المدمرة، ذاق رامي العروقي وزوجته إيمان طعم الفرح وسط الخراب والحرمان الناجمين عن الحرب المدمرة بين إسرائيل وحركة حماس بعد تبنيهما طفلة يتيمة عمرها خمسة أشهر في كانون الثاني/يناير فأسموها "جنة".
قالت إيمان فرحات "كل ما رغبنا به هو أن نتبنى طفلا صغيرا، لا يهم إن كان ولدا أو بنتا".
وأضافت "لم يكن لدينا أي تفضيل على أساس الجمال أو لون البشرة أو الشعر أو الطول. اخترتُ جنة كما هي. كانت تُدعى ماسة وغيّرته رسميا إلى جنة".
وتابعت الأم البالغة 45 عاما متنهدة وهي تتأمل الطفلة ذات الشعر البني والعينين الكبيرتين والوجه الممتلئ إنها "طفلة هادئة جدا، حتى أنها لا تستيقظ في الليل".
وقال زوجها رامي العروقي (47 عاما)، وهو موظف في السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، إن "فكرة التبني راودتنا عدة مرات، لكنها قويت خلال الحرب التي أبادت عائلات بأكملها، مخلفة عددا كبيرا من الأيتام".
في أيلول/سبتمبر 2024، قدر المتحدث باسم اليونيسف في الأراضي الفلسطينية جوناثان كريكس، في حديث لوكالة فرانس برس وجود 19 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن والديهم في غزة.
اندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأسفر عن مقتل 1218 شخصا في الجانب الاسرائيلي، معظمهم مدنيون وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام اسرائيلية، تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.
وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل 48446 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
"تغيّرت" حياتنا
دُمّر القطاع الفلسطيني الذي يضم 2,4 مليون نسمة بسبب المعارك والغارات العنيفة للطائرات والمسيرات والبوارج والدبابات الإسرائيلية.
وتقدم الزوجان اللذان ليس لديهما أطفال ويعيشان مع قطة، بطلب للتبني من جهات فلسطينية مختلفة واتصلا بمنظمة قرى الأطفال الدولية غير الحكومية اس أو اس" SOS.
بعد أن دمرت الحرب منشآت المنظمة ومقارها في رفح في أقصى جنوب القطاع، انتقلت شمالا إلى خان يونس، حيث يعيش الأيتام في خيام موقتة.
وأكد العروقي حاملا الطفلة الصغيرة بين ذراعيه أنه وزوجته قررا التبني لأنهما يعتبران أن "الشعب الفلسطيني يجب أن يساعد بعضه بعضا". وقال إن "العالم كله خذلنا ... هؤلاء الأطفال هم أبناء الله، وليس لديهم مشكلة سوى أنهم فقدوا والديهم وأقاربهم".
وقال "بصراحة، تأرجحنا بين الفرح والخوف ... في البداية شعرنا بأنها مسؤولية كبيرة لنا، فنحن لم يسبق أن ربينا طفلا من قبل. شعرنا بقليل من الخوف، ولكن بمجرد أن دخلت جنة إلى حياتنا، غيرتها بشكل جميل جدا". وتابع متأثرا "حولت حياتنا بالفعل إلى جنة".