نصف نهائي أرسنال-PSG: تحليل نقاط القوة والضعف

نصف نهائي أرسنال-PSG: تحليل نقاط القوة والضعف

image

مارك كاري وكونور أونيل- نيويورك تايمز
من أصل 36 نادياً بدأوا الموسم، لم يتبقَ سوى 4. بعد 4 مباريات ربع نهائي حافلة بالتوتر، يلتقي كل من إنتر ميلان الإيطالي مع برشلونة الإسباني، وأرسنال الإنكليزي مع باريس سان جيرمان الفرنسي، في مواجهتَين من العيار الثقيل في نصف النهائي. وعلى رغم من أنّ الفرق الـ4 المتبقية لا تزال تمثل بعضاً من أكبر الأندية في أوروبا، إلّا أنّ هناك قصة جديدة منعشة مضمونة الحدوث هذا العام. لا يزال كل من أرسنال وسان جيرمان يسعيان لتحقيق لقب البطولة للمرّة الأولى في تاريخهما، بينما لم يرفع برشلونة وإنتر الكأس منذ أكثر من عقد. في فترة هيمن عليها ريال مدريد وقوى إنكليزية أخرى، يبدو أنّ فصلاً جديداً بات وشيكاً.

يتصدّر أرسنال التوقّعات لرفع الكأس بنسبة 28,7% وفقاً لحاسوب "أوبتا" الخارق. والواقع أنّ الفوارق بين الفرق الـ4 النهائية ضئيلة للغاية. ويمكنك تقديم حجة قوية لدعم فرصة أي منها في الوصول إلى النهاية. فأين يمكن أن تُحسم كل مواجهة؟

أرسنال

انسَ الـ"بريميرليغ"، فأرسنال يشنّ حملة شرسة في أوروبا. رجال ميكيل أرتيتا كانوا جديرين بانتصارهم على ريال مدريد والتأهل إلى نصف النهائي لأول مرّة منذ عام 2009، وأظهروا وجوهاً مختلفة من لعبهم، سواء في الاستحواذ أو من دونه ذهاباً وإياباً.

وعلى رغم من أنّه عانى في المواسم الأخيرة أمام الكُتل الدفاعية العميقة، إلّا أنّ أسلوب أرسنال الهجومي يبدو أكثر ملاءمة لدوري الأبطال، إذ يواجهون فرقاً أكثر استعداداً للمواجهة المباشرة.

مع توفّر مساحة أكبر لجناحَيه للانطلاق، عزّز أرتيتا اعتماده على اللعب عبر الأطراف أوروبياً. ومن بين الفرق الـ4 المتبقية في نصف النهائي، يمتلك أرسنال أقل نسبة من اللمسات الهجومية عبر وسط الملعب بنسبة 24%.

عودة بوكايو ساكا (23 عاماً) أثارت فرحة جماهير أرسنال، فكان تأثيره حاسماً في الانتصار على مدريد. إذ حصل على خطأَين سمحا لديكلان رايس بخطف الأضواء عبر تنفيذ ركلتَين حُرّتَين ناجحتَين، وسجّل هدفاً رائعاً في "برنابيو" تتويجاً لأداءَين لا يُنسَيان.

اتخذت مباراة الإياب شكلاً مختلفاً. لفترات طويلة، تمَوضع أرسنال خارج الاستحواذ وفق أسلوب 4-4-2 النموذجي، محافظاً على تماسكه لإجبار ريال على اللعب عبر الأطراف ونادراً عبر الوسط. ومع ذلك، كانت هناك العديد من اللحظات التي تراجع فيها هذا الشكل الدفاعي إلى خطوط أعمق.

أظهرت منظومة أرتيتا خارج الاستحواذ انضباطاً قوياً، لدرجة أنّه يمكن رصد تسلسل تحوّلاتها إلى خط دفاع من 5، 6، 7، وحتى 8 لاعبين خلال المواجهات إياباً، مع تراجع رايس أو توماس بارتي بين قلبَي الدفاع، أو عودة ساكا وغابرييل مارتينيلي لدعم الظهيرَين.

وعلى رغم من أنّك لا تتوقع أن يؤدّي أرسنال بالطريقة عينها في نصف النهائي أمام سان جيرمان، قد تكون هناك لحظات يتطلّب فيها الدفاع قرب منطقة الجزاء.

نظراً لدَوَران خط هجوم لويس إنريكي بسلاسة، سيحتاج أرسنال إلى ضمان عدم فقدان تماسكه الدفاعي بشكل متكرّر. ولحسن الحظ، فإنّ فريق أرتيتا يتألّق خارج الاستحواذ، إذ يمتلك ثاني أفضل سجل دفاعي بين الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى بمعدّل 0,83 هدف متوقّع ضدّه لكل 90 دقيقة.

أضف إلى ذلك، أنّ أرسنال حافظ على شباكه نظيفة بالفوز 2-0 على سان جيرمان في الدور الأول، وهناك أسباب تدعو إلى التفاؤل الهادئ بتحقيق ليلتَين أوروبيّتَين لا تُنسيان في لندن وباريس.

باريس سان جيرمان

التأهّل إلى نصف النهائي للموسم الثاني توالياً لا يُستهان به لسان جيرمان، خصوصاً في ظل السياق الذي حقق فيه لويس إنريكي هذا الإنجاز. من دون كيليان مبابي هو فريق أكثر تماسكاً وتناغماً وانسجاماً ممّا كان عليه في السنوات الأخيرة، ومن الواضح أنّه أقرب تجسيد لرؤية إنريكي، بالاستحواذ وخارجه، منذ وصوله إلى العاصمة الفرنسية.

كان التقدّم 3-1 ذهاباً أمام أستون فيلا يفترض أن يجعل الإياب في "فيلا بارك" سهلاً، لكنّ رجال أوناي إيمري أخافوا باريس ببعض الهجمات المباشرة الحادة عبر قلب الدفاع.

بعد المباراة، أوضح إنريكي: "لم يتمكن فيلا من معادلة النتيجة، لكنّنا تساءلنا لمدة 10 دقائق عمّا إذا كان بإمكاننا الاحتفاظ بالكرة أو الخروج بها من خط الوسط أو اللعب الطويل. لا أعتقد أنّ فريقي قد سُيطِرَ عليه بهذه الطريقة، لكنّ خصمنا كان مضطراً للمخاطرة لأنّه كان يودّع البطولة. هاجم بكثافة كبيرة، وكنّا نلعب أمام جمهور رائع أيضاً".

يمكن للكثير من الأندية أن تنجرّ وراء الأجواء تحت أضواء دوري الأبطال، لكنّ سان جيرمان ثبّت أقدامه، بمساعدة الحارس جيانلويجي دوناروما. واستحقّ التأهل عبر المباراتَين.

مع ذلك، قد لا يكون إنريكي راضياً عن أداء فريقه الدفاعي خارج الاستحواذ في تلك الأمسية، خصوصاً أنّ الضغط العالي المنسّق كان أحد أقوى نقاطه، ممّا أجبر الخصوم على لعب الكرات الطويلة في البناء الهجومي.

من الظلم التحدّث عن النهج الدفاعي لباريس قبل الإشادة بجودته الفنية الهجومية الاستثنائية. على رغم من بدايته البطيئة نسبياً للموسم، إلّا أنّه بلغ ذروة مستواه في التوقيت المثالي.

إذا مُنحوا المساحة، فبإمكان جواو نيفيس، فيتينيا، وفابيان رويز تدوير الكرة بسلاسة حولك، مع استعداد أي منهم للانزلاق خارج الكتلة الدفاعية للخصم لإطلاق تقدّم باريس عبر المثلثات.

أمّا إذا اقتربت منهم، فبإمكانهم الاعتماد على الجودة الفردية لإظهار أفضل مدافعي أوروبا بمظهر عادي. مثلاً، يُسجّل سان جيرمان 27,9 مراوغة ناجحة لكل 90 دقيقة، أكثر من أي فريق آخر في دوري الأبطال.

وعلى رغم من أنّ ذلك كان أقل وضوحاً في "فيلا بارك"، إلّا أنّ ديمبيلي، باركولا، دوي، وكفاراتسخيليا يتناوبون عبر الخط الأمامي ويُظهِرون في مواقع مختلفة داخل الملعب.

أضف إلى ذلك قوة انطلاق الظهيرَين نونو مينديز وأشرف حكيمي (سجّلا في إياب ربع النهائي) لدعم الهجمات، ويُصبح من الصعب الدفاع ضدّ هذا الفيضان الهجومي.

هدف مينديز كان مثالاً على التهديد الحاد الذي يمتلكه فريق إنريكي: انطلاق ثالث، تمرير بلمسة واحدة، واتساع كامل للملعب. تركيبة مدمّرة. وبينما كان سان جيرمان غير مكتمل ضدّ أرسنال في تشرين الأول، إلّا أنّ رجال إنريكي بلغوا قمة مستواهم منذ ذلك الحين. مع لقب دوري فرنسي آخر مؤمّن، وفرصة لتحقيق ثلاثية تاريخية لا تزال قائمة، فإنّ الزخم مع باريس ويطمح إلى رفع الكأس للمرّة الأولى.