الأحزاب المسيحية ترفض تغيير قانون الانتخاب... والسبب؟!
يتيح لهم فرصة الحفاظ على أصواتهم وتمثيلهم
اسكندر خشاشو - النهار
تُعتبر الانتخابات النيابية في لبنان إحدى المحطات الأساسية التي تعكس التوازنات السياسية والطائفية في البلاد، حيث يؤدي النظام الانتخابي دورا محوريا في تحديد مصير القوى السياسية وخصوصا الطوائف المسيحية.
قبيل الانتخابات المقررة عام 2026، يبرز اهتمام كبير في الأوساط المسيحية بضرورة الحفاظ على القانون الانتخابي الحالي، خشية أي تغييرات محتملة قد تؤثر في حقوقهم ومصالحهم.
مرت الانتخابات النيابية اللبنانية بمراحل عدة، وشهدت فترات من التوتر والانقسامات، وسط تظلّم من القوانين التي قضمت الصوت المسيحي ووضعته مع أكثرية غير مسيحية فأصبح من دون فاعلية، باستثناء دوائر محدودة. عام 2017، أقرّ قانون انتخابي جديد اعتمد النظام النسبي الذي كان يُنظر إليه على أنه فرصة لتعزيز التمثيل السياسي لكل الطوائف. ومع ذلك، أثار القانون ردود فعل متباينة بين القوى السياسية.
في خطاب القسم، تحدث رئيس الجمهورية جوزف عون عن قانون انتخاب جديد وعصري، ثم أعلن رئيس الحكومة نواف سلام نيته تغيير القانون الحالي، وهو ما بدأ يوقظ خشية لدى المسيحيين الذين يعتبرون أنه رغم عدم كماله يبقى أفضل القوانين من حيث تمثيلهم.
يتمسك العديد من قياديي القوى المسيحية بالقانون الانتخابي الحالي، مشددين على أنه يتيح لهم فرصة الحفاظ على أصواتهم وتمثيلهم في البرلمان. ويتخوف هؤلاء من أي تعديلات قد تؤدي إلى ضعف موقفهم السياسي وزيادة نفوذ القوى الأخرى، وبخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة في البلاد ووسط التغيرات الديموغرافية التي قد تؤثر في توزيع المقاعد النيابية.
تتباين المواقف في الأوساط المسيحية، فيما يرى البعض أن المطلوب هو الإصلاحات التي تعزز الديموقراطية والشفافية بدلاً من تغييرات جذرية قد تُخضعهم لمزيد من الضغوط. ويعتبر البعض الآخر أن التمسك بالقانون الحالي هو بمثابة تحذير لجميع الأطراف السياسية من مغبة التفكير في تغييرات يمكن أن تُفقد المسيحيين موقعهم في النظام السياسي اللبناني.
وفي هذا الإطار، علمت "النهار" أن اجتماعات بدأت تعقد في الكواليس وخارج التغطيات الإعلامية بين القوى السياسية المسيحية، وخصوصاً بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" اللذين تجاوزا خلافاتهما السياسية تحت ستار المصلحة المشتركة، رافضين أي تغيير جذري قد يطال قانون الانتخاب.
وبحسب المعلومات، تتركز النقاشات على مواجهة أي طرح يتحدث عن قانون انتخاب جديد قبل انتخابات 2026، واعتبار ذلك بداية عمل على تأجيل الانتخابات، وليس بحثاً عن صحة التمثيل، فمناقشة اي قانون تحتاج إلى أكثر من سنتين وسط تضارب الرؤى والمصالح بين القوى السياسية اللبنانية، وفتح هذا المجال سيؤدي حكما إلى تأجيل الانتخابات.
تعترف هذه القوى بأن القانون ليس مثالياً، ولا ضير في فتح المجال لإدخال بعض التعديلات أو التحسينات عليه من دون المس بجوهره، وحالياً فُتح النقاش حول قضية انتخاب المغتربين، علما أن القانون الحالي يلحظ تمثيلهم في 6 قارات من خارج الـ128 نائباً من دون آلية واضحة، وثمة محاولة للاتفاق على إبقاء الاقتراع كما جرى في السابق، لكن "التيار الوطني الحر" لا يزال يرفض هذا الأمر.
يتوافق الافرقاء على ضرورة إقامة الـ"ميغا سنتر" لتخفيف الضغط عن المقترعين وتحريرهم من الضغط السياسي، وفي حال توافر التمويل والوقت، يجب اعتماد البطاقة الممغنطة.
لا يرفض المعنيون النقاش في إعادة النظر في بعض الدوائر الانتخابية، ولكن من دون فتح الأمر على تغيير الدوائر كافة، بما ينسف القانون من أساسه، وكذلك بالنسبة إلى استبدال الصوت التفضيلي بصوتين. ولكن جميع هذه النقاشات لا تزال في مراحلها الأولية، ويبقى الأساس المتفق رفض طرح أي مشروع جديد في الوقت الراهن، وإجراء انتخابات 2026 وفق قانون 2017.