"القمة العربية الطارئة" في القاهرة تتبنى الخطة المصرية

"القمة العربية الطارئة" في القاهرة تتبنى الخطة المصرية

image

مرحلة انتقالية بإدارة لجنة تكنوقراط غير فصائلية

وفق الخطّة، يتمّ تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة ستة أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية من التكنوقراط.

بعثت القمة العربية الطارئة التي استضافتها مصر، الثلاثاء، بعاصمتها الإدارية الجديدة في القاهرة، برسائل ديبلوماسية وسياسية مهمة في توقيت شديد الحساسية والتعقيد، يعاد خلاله رسم النظامين العالمي والإقليمي، ويتعرض فيه الأمن القومي العربي لتهديد لا ريب فيه.


وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيان الختامي للقمة إن القمة تبنت الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، في حين قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن "القمة اعتمدت خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة وفق مراحل محددة".

وأضاف أبو الغيط أن الخطة "ترسم أيضا مسارا لسياق أمني وسياسي جديد في غزة"، وتحافظ على الاتصال بين الضفة الغربية والقطاع، مشيرا إلى أن هدف القمة كان تأكيد الرفض العربي لتهجير الفلسطينيين.

القمة التي أطلق عليها سياسيون وإعلاميون مصريون "قمة فلسطين" خصصت لبحث تطورات القضية الفلسطينية وسبل دعم الشعب الفلسطيني، شهدت حضور زعماء العرب، بهدف إقرار خطة بديلة طرحتها مصر، وناقشتها مع القادة، لمجابهة المقترح الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يقضي بتهجير سكان غزة، وإقامة "ريفييرا الشرق الأوسط" في القطاع.

وفي كلمته الافتتاحية، قال السيسي إن "الذاكرة الإنسانية ستظل شاهدة على ما حدث في قطاع غزة"، مشيراً إلى أن "الحرب الأخيرة سعت لتفريغ القطاع من سكانه ودمرت كافة سبل الحياة هناك".

ولفت إلى أن "منطقتنا تواجه تحديات جسيمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي"، وأن "القمة تأتي في وقتٍ بالغ التعقيد".

خطة وموقف
إلى جانب الرسالة التي بعثها الحضور والتمثيل رفيع المستوى للقادة والزعماء العرب، شكل الدعم العربي للخطة المصرية رسالة لافتة، تكشف عن توحد العرب على رفض تفريغ قطاع غزة من سكانه، ورغبتهم في الوصول إلى سلام شامل ودائم في المنطقة.

وفي ما يلي نص المسودة:

المسوّدة الكاملة للخطة المصرية جاءت في 91 صفحة، تحت عنوان: "التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة"، وتشدّد على حلّ الدولتين، وتعتبر أنه سيزيل أي سبب لعدم الاستقرار والنزاعات في الشرق الأوسط، وسيمهد لعلاقات طبيعية بين دول المنطقة وإسرائيل.


وتطرّقت الخطة إلى مسألة سلاح الفصائل، وأشارت إلى التعامل معه، بل وإنهائه للأبد، فقط إذا تمت إزالة أسبابه من خلال أفق واضح وعملية سياسية ذات مصداقية تعيد الحقوق إلى أصحابها.


وتدعو الخطة المصرية التي تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، إلى إعادة إعمار غزة على مدى خمس سنوات، كما تقترح إنشاء صندوق يخضع لإشراف دولي لضمان "كفاءة التمويل" وكذلك "الشفافية والمراقبة".

 

وفق الخطّة، يتمّ تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة ستة أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية من التكنوقراط.


وبموجب الخطة، فإنّ هذه اللجنة ستعمل "تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، وذلك تمهيداً لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من العودة بشكل كامل لقطاع غزة".

 

وكان لافتاً حديث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس في القمة عن استعداد حركة "فتح" لإعادة المنشقين إلى صفوفها، تزامناً مع عرضه لعناصر "الرؤية الفلسطينية" لمواجهة التحديات، وقال: "تتولى دولة فلسطين مهامها في قطاع غزة من خلال مؤسساتها الحكومية، وقد تم تشكيل لجنة عمل لهذا الغرض".


وتابع: "تستلم الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية مسؤولياتها، بعد هيكلة وتوحيد الكوادر الموجودة في قطاع غزة، وتدريبها في مصر والأردن".

 

وأضاف عباس: "نود التأكيد أننا على أتم الجاهزية لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل حال توفرت الظروف الملائمة لذلك، في غزة والضفة والقدس الشرقية".

ورغم تداول تصريحات لقيادات في الحركة، تعتبر أن السلاح "خط أحمر"، كانت مصادر ديبلوماسية قد أكدت أن "عقلاء حماس يوافقون على التخلي عن إدارة القطاع".

وقال وكيل الاستخبارات العامة المصرية السابق اللواء محمد رشاد: "إن فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها "حماس" و"الجهاد" باتوا يدركون أن الواقع لم يعد يسمح باستمرار حركاتهم ما لم ينضووا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية". 

إعادة تشكيل العالم

يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور وليد قزيحة أن القمة العربية تشكل مؤشراً إيجابياً، ويقول لـ"النهار": "من الجيد أن العرب اتحدوا على كلمة واحدة في مواجهة مخطط ترامب".

ورغم ذلك يبدو قزيحة غير متفائل من جهة الإدارة الأميركية الحالية، ويقول: "نحن أمام نظام عالمي وإقليمي يعاد تشكيله بواسطة ترامب وإدارته الجديدة، هذا بجانب أنه يدعم مخططات إسرائيل".

يصور أستاذ العلوم السياسية المشهد العالمي على نحو يثير القلق، فهو يعتقد أن ترامب وقيادات إدارته يرون أن أميركا قوية بما يكفي لأن تعيش بمعزل عن العالم.

لكنه في الوقت ذاته، يعتقد أن هناك مساحات للحركة عند العرب، تتمثل في القوى الأوروبية التي لديها استعداد وقدرة على دعم الخطة العربية الخاصة بإعادة إعمار غزة من دون تهجير سكانها.

توقيت مهم
مدير "المركز العربي للبحوث والدراسات" في القاهرة الدكتور هاني سليمان يرى أن توقيت انعقاد القمة يعطيها ميزة نسبية، ويقول: "بجانب الظرف الإقليمي والدولي، فإن توقيت القمة يقطع الطريق على مقترح ترامب، وعلى مقترحات إسرائيلية موازية".

ويضيف: "من تلك المقترحات ما طرحه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وكذلك ما طرحه أفيغدور ليبرمان، وهي بمثابة حلول بديلة لمقترح ترامب الذي يدعم تصورات اليمين المتطرف في الدولة العبرية".

وكان لابيد قد اقترح أن تتولى مصر إدارة غزة لفترة مؤقتة، وهو ما رفضته القاهرة رفضاً قاطعاً، أما ليبرمان فقد هدّد مصر ودعاها إلى استقبال الفلسطينيين في سيناء.

ويتفق محللون مصريون على أن القمة العربية والتحركات الحثيثة التي قام بها الزعماء العرب أخيراً، تعطي زخماً للخطة المصرية/العربية التي طرحتها مصر بالتشاور مع الدول العربية خلال الأسابيع الماضية.