ترامب هزّ العالم في 50 يوماً... بالمال والنفوذ والأحلام التوسعية

ترامب هزّ العالم في 50 يوماً... بالمال والنفوذ والأحلام التوسعية

image

ترامب هزّ العالم في 50 يوماً... بالمال والنفوذ والأحلام التوسعية
فعل الرئيس الاميركي  أكثر من أي من أسلافه المعاصرين لتقويض أسس النظام الدولي




في غضون 50 يوماً فقط، فعل الرئيس الاميركي دونالد ترامب أكثر من أي من أسلافه المعاصرين، لتقويض أسس النظام الدولي الذي أقامته الولايات المتحدة بشق الأنفس خلال 80 عاماً منذ خروجها منتصرة من الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية.

ومن دون أن يعلن رسمياً عن تغيير المسار أو يقدم مبرراً استراتيجياً لذلك، دفع الولايات المتحدة إلى تغيير موقفها في الحرب الأوكرانية.

ولم يتردد عندما أمر الولايات المتحدة بالتصويت مع روسيا وكوريا الشمالية، ضد حلفاء أميركا التقليديين، لإحباط قرار الأمم المتحدة الذي اعتبر موسكو هي المعتدية.

وتبدو تهديداته بالسيطرة على قناة بنما وغرينلاند وغزة والأكثر إثارة للدهشة كندا... مستفزة.

لقد قطع عن أوكرانيا الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، جزئياً بسبب غضبه من خلافه في المكتب البيضوي مع الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، ولكن إلى حد كبير لأن هذا الاخير يصر على ضمانات أمنية إذا ما أعادت روسيا بناء نفسها وعادت إلى غزو بلاده.

وقد فرض ترامب رسوماً جمركية على حلفائه بعد أن وصفهم بأنهم متطفلون على الاقتصاد الأميركي.

وأضر بالثقة بين حلفاء الناتو لدرجة أن فرنسا تناقش توسيع المظلة النووية الصغيرة لبلادها فوق أوروبا، وتفكر بولندا في بناء سلاحها الذري الخاص بها. ويخشى كلاهما من أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة في العمل كمدافع نهائي عن الحلف.

ولكن ربما الأمر الأكثر لفتاً للنظر هو أن ترامب يقوّض النظام القديم من دون أن يصف النظام الذي يتصور استبداله به. وتشير تصرفاته إلى أنه يشعر بالراحة أكثر في عالم القرن التاسع عشر لسياسات القوى العظمى، إذ يتفاوض هو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ في ما بينهم، ويتركون القوى الأقل منهم تتماشى بعضها مع بعض.


متشدد بشكل متزايد
وفي أوائل كانون الثانييناير، بدا ترامب متشدداً بشكل متزايد بشأن حاجة واشنطن إلى السيطرة على غرينلاند، بسبب ثروتها المعدنية وموقعها الاستراتيجي قرب مياه القطب الشمالي التي تستخدمها روسيا والصين.

وقد سرّع من وتيرة مطالبه بالوصول إلى قناة بنما، وظل يكرر ضرورة أن تصبح كندا الولاية الحادية والخمسين، حتى أصبح من الواضح أنه لا يمزح.

تجاهل البعض الأمر على أنه مجرد تبجح من ترامب. ولكن في حفل تنصيبه، ضاعف من تهديده. وقال إن العالم لن يستغل سخاء أميركا والأمن الذي توفره لحلفائها بعد الآن.

كما لم تستغرق الجهود الرامية إلى تمزيق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي أنشأها الرئيس جون كينيدي كجزء من طليعة القوة الناعمة الأميركية، سوى بضعة أسابيع.

أوكرانيا الاختبار الأول
مدى 3 سنوات، كان الديموقراطيون ومعظم الجمهوريين ينظرون إلى الحرب إلى حد كبير من خلال عدسة السياسة الخارجية الأميركية التقليدية: كان على الولايات المتحدة أن تدافع عن ديموقراطية مناضلة تعرضت لغزو غير قانوني من قوة أكبر تسعى إلى السيطرة على أراضيها.

ولكن الآن، وبصفته رئيساً، وصف ترامب نظيره الأوكراني بأنه "ديكتاتور"، بينما رفض أن يقول الشيء نفسه عن بوتين. وقد برر رفضه وصف روسيا بالمعتدي في الحرب بأنه إجراء ضروري للعمل كوسيط محايد.

في أول رحلة له إلى أوروبا، أعلن وزير دفاعه بيت هيغسيث، أن واشنطن لن توافق على انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وقال إن عليها أن تتخلى عن الأراضي التي فقدتها.

وبمباركة من ترامب، أعطت ادارته بوتين اثنين من مطالبه المسبقة، بينما أوضحت أنه إذا أرادت أوكرانيا ضمانة أمنية، فعليها التحدث إلى جيرانها الاوروبيين.


التفكير في المستقبل
ولعل أحد الأسباب التي جعلت ثورة ترامب تفاجئ العالم هو أن العديد من الأميركيين، والحلفاء، اعتقدوا أن سلوك ترامب في ولايته الثانية سيكون تقريباً مرآة لما فعله في ولايته الأولى.

فقد اعتقدوا أنه سيلتزم إلى حد كبير استراتيجية الأمن القومي التي أصدرها في ولايته الأولى، والتي جمعت الصين وروسيا معاً كقوى "تعديلية مصممة على جعل الاقتصادات أقل حرية وأقل عدالة، وعلى تنمية جيوشها، والتحكم بالمعلومات والبيانات لقمع مجتمعاتها وتوسيع نفوذها".

أما اليوم، فيبدو أنها تعود إلى حقبة مختلفة. والآن يسعى مساعدوه جاهدين، من دون نجاح يُذكر، الى فرض منطق لكل ذلك.

فقد أشار وزير الخارجية ماركو روبيو، وهو من المتشددين التقليديين حيال روسيا قبل توليه منصبه الحالي، إلى أن ترامب يحاول إبعاد روسيا عن شراكتها المتنامية مع الصين.

وقد تحدث أعضاء آخرون في فريق الأمن القومي لترامب عن "مبدأ مونرو 2.0". وهذا يشير إلى عالم تتولى فيه الولايات المتحدة والصين وروسيا مسؤولية مناطق نفوذها المتميزة.

وقال أليكس يونغر، الرئيس السابق لوكالة التجسس البريطانية "ام آي 6"، في مقابلة مع "بي بي سي" إن ذلك يذكره بمؤتمر يالطا (اجتماع روزفلت وتشرشل وستالين عام 1945 ) عندما "قررت الدول القوية مصير الدول الصغيرة".