حين يترنح الاستقرار الهيمني
الكتلة النقدية تتمركز في الشركات العملاقة التي تزاحم الدول لا بل تتحكم بها

مازن عبّود - النهار
تشارلز كيندلبيرغر درس الكساد الكبير. اعتبر بانّ تفاقمه نتج عن فشل بريطانيا التي كانت تقود الاقتصاد العالمي، وذلك بعد تداعي قوتها بعد الحرب الكونية. استند الى نظرية الاستقرار الهيمني لشرح أهمية وجود قوة لضمان استقرار النظام الاقتصادي الدولي.
ما يقلق تداعي الهيمنة المالية للولايات المتحدة. فاحتياطات الدولار لدى المصارف المركزية عالميا تتراجع. فوفق صندوق النقد الدولي، انخفضت حصة الدولار من 71% (1999) إلى 58% (2023). ترامب يؤمن انّ الانتظام ينبع من القوة(براندز،2025). الا انّ تدابيره الاقتصادية قد تنتج كوارثا.
تزايد ديون الولايات المتحدة السيادية والتخبط المؤسساتي هناك، مؤشرات لا تريح. القاضي "Lutteig" اعتبر بانّ الرئيس ترامب أعلن حربا على القضاء وحكم القانون، اميركا في أزمة دستورية. ولاية ترامب يجب ان تعزز موقع اميركا في قيادة النظام العالمي وصيانته. رفع التعرفات الجمركية يعطل التجارة ويلاقى بالمثل من الدول. فكأنّ قانون سموت-هولي (1930) المشؤوم، يعود.
منظومة البنك الدولي تعمل لكنها بحاجة الى التحديث. الديون الدول السيادية تتراكم والصين تنتظر لإقراض الدول المتعثرة. الذهب يرتفع ومعه منسوب القلق.
الاكتشافات التكنولوجية توفر فطيرة اقتصادية أكبر للقلة. فعدد الوظائف يتقلص والكتلة النقدية تتمركز في الشركات العملاقة التي تزاحم الدول لا بل تتحكم بها.
عين الصين على اميركا الامس. تحاول لعب أدوارها في تثبيت الاقتصاد العالمي عبر توفير السيولة الى الاقتصادات المتعثرة، فهل تستطيع؟
حروب وانكماش في التجارة العالمية. غرب يتخبط بدون اميركا التي تعتبر بانّ النظام الحالي يستغل قدراتها. من الجيّد انهاء الحرب في أوكرانيا، لكن بأي ثمن؟
"ظلال غير ديمقراطية" تخيّم على العالم. سوريا تنتقل من غيّ الديكتاتورية الى الجاهلية الدينية. معرة-صيدنايا-معلولا تعلن امارة إسلامية. سائر المكونات بلا سند. يناجون عالما لا يجيب. ينتفض المسيحيون. يناشدون بطاركتهم برفدهم بمقومات الصمود او ترحيلهم.
حدودنا تلتهب، وجيشنا يسطر قصص بطولة. إسرائيل تلهو. والخوف يولّد تطرفا وسلاحا. فهل ما يحصل ظرفيّ؟
من الصعب تحفيز اقتصاد وبناء دولة في خضم ما يجري. نأمل ان تتمكن اميركا من انقاذ نفسها، والمنطقة، فيبان نظام يلزم للبحبوحة والسلام.