كيف أصبح مودريتش شريكاً في ملكية سوانزي وما هو دوره؟

كيف أصبح مودريتش شريكاً في ملكية سوانزي وما هو دوره؟

image

ستيوارت جيمس وماريو كورتيغانا- نيويورك تايمز
"مرحباً جماهير سوانزي، أنا لوكا مودريتش، وأنا متحمّس لأن أكون جزءاً من هذه الرحلة". عندما نطق مودريتش بهذه الكلمات يوم الاثنين الماضي، وهو يحمل كرة قدم بشعار سوانزي سيتي بين يدَيه تحت عنوان "تحديث من النادي" على وسائل التواصل الاجتماعي، كان ذلك لحظة تجعلك تفرك عينَيك من الذهول. أسطورة كروية، وأكثر لاعب متوَّج في تاريخ ريال مدريد، ينضمّ إلى نادٍ كروي في جنوب غرب ويلز، يحتل مركزاً وسط دوري الدرجة الأولى الإنكليزية (تشامبيونشيب)، كمستثمر وشريك في الملكية؟


لكن ما القصة وراء ذلك؟

على مدار الأيام القليلة الماضية، تواصلت صحيفة «ذا أثلتيك» مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص لمحاولة معرفة الإجابة عن هذا السؤال، وشرح ما تعنيه هذه الخطوة لكل من لوكا مودريتش، ريال مدريد، وسوانزي سيتي.

كان بريت كرافات وجايسون كوهين، المالكان الرئيسيان لسوانزي، يبحثان عن لاعب عالمي من الطراز الأول لينضمّ إليهما كمستثمر، بهدف رفع مكانة النادي على الصعيد الدولي، وتحقيق تحسينات على أرض الملعب، ومنح مشروعهما صدقية أكبر.

شكّل انخراط أسطورة دوري كرة القدم الأميركية (NFL) توم برادي في برمينغهام سيتي - يُعدّ الفائز بـ7 بطولات «سوبر بول» مستثمراً جزئياً في النادي الذي صعد أخيراً إلى الـ«تشامبيونشيب» - نموذجاً يُحتذى به. ثم، طبعاً، هناك قصة ريكسهام. لكنّ مودريتش، كرياضي أيقوني، كان حالة مختلفة. 

أصبح اسم مودريتش مطروحاً على طاولة سوانزي بعد أن تعرّف كرافات، رجل الأعمال المقيم في لوس أنجلوس، إلى الكرواتي ومستشاره بورخا كوسيه، من خلال صديق مشترك في تشرين الأول. ويتمتع مودريتش، الفائز السابق بالكرة الذهبية، بشعبية عالمية واحترام واسع. باختصار، كان يُلبّي كل الشروط المطلوبة من سوانزي.

على رغم من أنّ أولوية مودريتش (39 عاماً) كانت مواصلة اللعب مع ريال مدريد لأطول فترة ممكنة، فإنّه كان قد بدأ مسبقاً التفكير في الدخول إلى عالم الأعمال الرياضية قبل أن يتواصل معه سوانزي. وقد بدت له فكرة كرافات، التي تجمع بين الاستثمار والمشاركة في الملكية وإمكانية الانخراط في العمليات الكروية، مغرية على الفور.

لم يحتج مودريتش إلى البحث عن سوانزي على «غوغل». فهو، بحسب المقرّبين منه، مَهووس بكرة القدم يُشاهد المباريات باستمرار، بما في ذلك مباريات الـ«تشامبيونشيب». وكان يعرف سوانزي جيداً (لعب ضدّه مرّتَين بقميص توتنهام)، ويتذكّر أسلوب لعبه المميّز عند صعوده لأول مرّة إلى الـ«بريميرليغ» عام 2011.

كان التوقيت مثالياً من ناحية أنّ كرافات كان على وشك زيادة حصّته في سوانزي، في إطار صفقة استحواذ اكتملت في تشرين الثاني. وخلال عدة مكالمات عبر الفيديو على مدى الأشهر التالية، تأكّد مودريتش وفريقه من مدى جدّية مجموعة المالكين الجدد في إعادة سوانزي إلى النجاح داخل وخارج الملعب، وبدأوا في بناء علاقة وثيقة معهم.

تزامناً، كان مودريتش حريصاً دائماً على إظهار الاحترام لريال مدريد وإطلاعه على كل المستجدات قبل أن يمضي قدماً مع سوانزي.

في مطلع آذار، استضاف ريتشارد مونتاغو، المدير الرياضي الجديد لسوانزي، وتوم غورينغ، المدير التنفيذي الجديد، مستشار مودريتش كوسيه، وهو أيضاً وكيل لاعبين، خلال مباراة في الـ«تشامبيونشيب» ضدّ ميدلزبره (فاز بها سوانزي 1-0)، كما قاما بجولة تعريفية له في المدينة التي تبعُد 45 دقيقة بالسيارة عن العاصمة الويلزية كارديف. واتُفِق على الصفقة منذ فترة، فكان الأمر مجرّد انتظار اللحظة المناسبة للطرفَين للإعلان عنها. وكان تركيز مودريتش الرئيسي، وبشكل مفهوم، مُنصّباً على اللعب مع ريال، ما أخّر الأمور قليلاً. على رغم من عدم الإعلان رسمياً عن حجم استثمار مودريتش في سوانزي، علمت «ذا أثلتيك» أنّه استحوذ على حصة تبلغ نحو 5%. ومن وجهة نظره، فهي فرصة استثمارية ممتازة. أمّا بالنسبة إلى سوانزي، فلا شك أنّهم مبتهجون للغاية.

هل سيكون مودريتش منخرطاً في العمل فعلياً؟

أولاً، لن يكون مودريتش على أرضية الميدان إلى جانب زميله السابق جو ألين، في خط وسط سوانزي الموسم المقبل. كما أنّه لن يحتاج إلى مكتب في مركز تدريب النادي. مع ذلك، سيكون أكثر بكثير من مجرّد اسم لامع مرتبط بالنادي في يوم الإعلان ثم يختفي عن الأنظار. الصورة التي تتضح من كلا الطرفَين تشير إلى أنّ مودريتش شغوف فعلاً بالمشروع، فهو مفتون بتعلّم المزيد عن الجانب التجاري لكرة القدم، وحريص أيضاً على المساهمة بكل ما يمكنه من خبرة كروية وتأثير شخصي لدفع طموحات سوانزي قدماً.

وتنوي الإدارة إشراكه في عملية استقدام اللاعبين وتقديم الاستشارات على أعلى مستوى.

وهناك فوائد تجارية واضحة لحضور لاعب بحجم مودريتش وسجله الحافل (28 لقباً مع ريال، و37,2 مليون متابع على «إنستغرام»). وباعتباره أفضل لاعب في كأس العالم 2018، حين خسرت كرواتيا النهائي أمام فرنسا، فهو يملك القدرة على جذب رعاة جدد عالمياً وتعزيز الشراكات مع العلامات التجارية الحالية.

وهذا الجانب التجاري شديد الأهمية، إذ أعلن سوانزي عن خسائر قبل الضرائب بلغت 15,2 مليون جنيه إسترليني في العام المالي الماضي، بعد خسارة قدرها 17,9 مليون في العام الذي سبقه. وهناك إدراك داخل النادي بوجود حدود للنمو المالي المحلي.

بشكل واقعي، لا بُدّ أن يوسّع سوانزي قاعدة جماهيره دولياً لتقليص هذا العجز المالي بشكل كبير، وتطوير نموذج تجاري أكثر فاعلية في بيع وشراء اللاعبين.

بالنظر إلى كل ذلك، فإنّ مودريتش قادر نظرياً على المساعدة في كلا الجانبَين.

ماذا نعرف أيضاً عن سوانزي ومالكيه؟

يحتل سوانزي المركز الـ11 في الـ«تشامبيونشيب»، منذ هبوطه من الـ«بريميرليغ» عام 2018، ويُعدّ أحد 4 أندية ويلزية تشارك في درجات الـ EFL الإنكليزية، إلى جانب كارديف سيتي، خصمه اللدود، ريكسهام (League One)، ونيو بورت كاونتي (League Two).

وكان قد استمتع سابقاً بـ7 مواسم متتالية في دوري الأضواء، وتميّز خلال فترة منها بأسلوب لعب جذاب قاده إلى الفوز باللقب الوحيد في تاريخه (كأس رابطة المحترفين عام 2013). لكن تلك الأيام باتت ذكرى بعيدة.

على رغم من وصول سوانزي إلى نهائي تصفيات التأهل إلى الـ«بريميرليغ» عام 2021، أي 90 دقيقة فقط من العودة إلى القمة، إلّا أنّه لم يقترب من المنافسة على الصعود منذ ذلك الحين. بل كان مهدّداً بالهبوط، قبل أن يشهد تحسناً كبيراً في النتائج إثر رحيل المدرب لوك ويليامز في شباط. ويُعدّ بديله الموقت، آلان شيهان، مرشحاً جدّياً لتولّي المهمّة بشكل دائم (ربما يُستشار مودريتش في ذلك؟). لكن خارج الملعب، ما زال أمام النادي الكثير من العمل، سواء لتحقيق الاستدامة المالية أو استعادة الثقة مع الجمهور، إذ بلغ متوسط الحضور في استاد النادي الذي يتسع لـ21,000 متفرّج نحو 15,000 فقط، وهو الأدنى منذ عام 2009.

وقد أطلقت صفقة تغيير الملكية آمالاً ببداية جديدة. فبعد 8 أعوام مضطربة من الإدارة، باع جايسون ليفين وستيف كابلان حصّتهما الأكبر إلى كرافات، كوهين، نايجل موريس، وآندي كولمان. فكرافات وكوهين، مؤسسا شركة «ماجيلان إكويتيز» للاستثمار الخاص، يقودان سوانزي ويُعدّان صانعَي القرار الأساسيَّين.

من اللافت أنّ كرافات كوّن صداقة وثيقة مع بن ديفيز، مدافع توتنهام ومنتخب ويلز، بعدما عرّفه إليه نجم كرة السلة ستيف ناش، المعروف بولائه لتوتنهام. ويُقيم كل من كرافات وناش في منطقة «مانهاتن بيتش»، إحدى ضواحي لوس أنجليس، ومن الطريف أنّ والدة ناش وُلدت ونشأت في سوانزي.

أمّا ديفيز، فوُلد في المنطقة وتخرّج من أكاديمية سوانزي، ولعب معه لعقد كامل قبل أن ينتقل إلى توتنهام، بالتالي يعرف النادي والمدينة جيداً. ويحظى باحترام كبير من كرافات، الذي يستشيره كثيراً.