قلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنين مصريين قولهما إن المحادثات التي تستضيفها القاهرة بشأن غزة تشهد تقدماً كبيراً.
ووفق المصدرين، فقد اتفقت الأطراف على عدد من القضايا منها التوافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة، لكن لا تزال بعض النقاط الشائكة قائمة رغم التقدم المحرز في المحادثات، ومنها سلاح حماس.
قبل ذلك، كانت قناة القاهرة الإخبارية التابعة للدولة في مصر قالت إن من المقرر أن يلتقي رئيس جهاز المخابرات المصري حسن محمود رشاد مع وفد إسرائيلي برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر اليوم الاثنين في القاهرة.
وأضافت القناة أن هذا اللقاء يأتي في إطار الجهود القطرية - المصرية لاستئناف وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
وكان مصدر سياسي إسرائيلي كبير أكد وفق ما نقلت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل ترفض صفقة كانت اقترحتها حركة حماس وتتضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 5 سنوات، وإعادة كل الرهائن الإسرائيليين.
"تمنيت لو أموت"
وتقول عايدة أبو ريالة (42 عاما)، من منطقة النصيرات في وسط غزة: "لا يوجد عندي أي كسرة خبزة. لا طعام لعائلتي. لذلك أضطر إلى الذهاب إلى التكية رغم معاناتي في الزحام والصراخ والتصادم. الأعداد كبيرة، وكلّهم جائعون مثلنا. أنتظر مع ابني دورنا في طابور التكية، تحت أشعة الشمس، وقبلها وسط البرد. وأحيانا كثيرة أعود بلا طعام لانتهاء الكمية".
دُمّر منزل أبو ريالة في غارة جوية. وتعيش الأسرة الآن في خيمة مصنوعة من النايلون. في أحد الأيام، انتظرت عايدة أبو ريالة ثلاث ساعات فتقرحت قدماها من الوقوف، وحين وصلت أخيرا إلى نقطة التوزيع، لم يتبقَ طعام.
وتقول: "عدت إلى المنزل ويدي فارغتان. أطفالي بكوا... في تلك اللحظة، تمنيت أن أموت بدلا من رؤيتهم جياعا مرّة أخرى".
أما فاتن المدهون (52 عاما)، فهي طاهية متطوعة تدير مطبخا خيريا في بيت لاهيا في شمال غزة، وتطبخ مع 13 متطوعا ومتطوعة آخرين على نيران الحطب، دون مطابخ ملائمة أو معدات لازمة، حيث تقول: "أحيانا نجهّز 500 وجبة، لكن يأتينا أكثر من 600 شخص. الحاجة هائلة، والطعام لا يكفي الجميع. مع كل يوم تبقى فيه المعابر مغلقة، تشتدّ الأزمة أكثر فأكثر".
ومع اختفاء الطحين من الأسواق، وإغلاق المخابز، وتحوّل الخضروات الأساسية إلى سلع نادرة، أصبحت التكيّات أو المطابخ الخيرية المصدر الوحيد المتبقي للطعام بالنسبة لعشرات الآلاف من الناس.
اقرأ أيضاً: تُستخدم لأول مرة في قطاع غزة... قذيفة صاروخية من نوع "بار"
"نريد أن نعيش بكرامة"
في منطقة خان يونس في جنوب القطاع، يقول علاء أبو عميرة (28 عاما) النازح من بيت لاهيا في الشمال، "عندما أصل طابور التكية، تكون الشمس لم تشرق بعد"، مضيفا "هنا المواطنون يتزاحمون، وأحيانا تحصل حالات تدافع خطيرة. رأيت طفلا وقع وجُرح، ولا أحد استطاع أن يساعده من شدة الازدحام. ورأيت أيضا طفلة وقع عليها طبق الطعام وأحرقها فنقلت إلى المستشفى..."
وحين يتمكّن المرء من الحصول على وجبة، غالباً ما تكون باردة، بلا طعم، ومكررة، أي بازلاء وفاصوليا معلبة، وأرز لم ينضج كليا، كما يقول.
ويضيف أبو عميرة: "بطوننا بالكاد تتحمّل، لكن ماذا بوسعنا أن نفعل؟ الجوع يكسر كل شيء".
ورغم المعاناة اليومية، تواظب أبو ريالة على الحضور الى المطبخ لتأمين الطعام.
وتقول: "حتى الطعام أصبح يحتاج إلى حظ. لكن غدا سأحاول أن أصل في وقت مبكر أكثرا، لعلّي أتحصّل على طبق أرز". ثم تتنهّد قائلة "نريد فقط أن نعيش بكرامة".
وقال المصدر للصحيفة إن الحكومة الإسرائيلية لن توافق على الدخول في هدنة مع حماس تسمح لها بإعادة التسلح والتعافي لمواصلة حربها ضد إسرائيل، في حين ذكرت صحيفة "معاريف" إن المجلس الوزاري الأمني المصغر يعقد هذا المساء جلسته الثالثة خلال أسبوع، لاتخاذ قرارات بشأن توسيع العمليات القتالية في غزة.
وكانت حركة حماس أعلنت قبل يومين أنها مستعدة لعقد "صفقة" لإنهاء الحرب في قطاع غزة تشمل إطلاق سراح الأسرى المتبقين دفعة واحدة، وهدنة لمدة 5 سنوات.
وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، إن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل في غزة، لكنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها.
من جهتها، ذكرت مصادر مقربة من المحادثات الساعية للتوصل لاتفاق أن حماس تأمل في حشد دعم الوسطاء للعرض الذي طرحته، مضيفة أن الحركة قد توافق على هدنة تتراوح بين 5 و7 سنوات مقابل إنهاء الحرب والسماح بإعادة إعمار غزة وتبادل الأسرى بين الجانبين.
ويوم 17 أبريل/نيسان الجاري، رفضت حماس اقتراحا إسرائيليا يتضمن هدنة لمدة 45 يوما، مقابل الإفراج عن 10 محتجزين إسرائيليين أحياء.
وفي مقابل مطالبة حماس باتفاق شامل، تطالب إسرائيل بإعادة جميع الأسرى ونزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، ولكن الحركة شددت على أن هذا المطلب يشكل "خطا أحمر".
40 قتيلاً على الأقل
وفي وقت سابق اليوم، أفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل 40 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على القطاع منذ الفجر.
وأكد الدفاع المدني في بيان مقتضب نقل "8 شهداء جراء استهداف منزل لعائلة أبو مهادي" في جباليا في شمال قطاع غزة.
وفي بيان لاحق، قال الدفاع المدني إن طواقمه نقلت ثمانية قتلى في قصف طال منزلا لعائلة "الآغا" في منطقة السطر الغربي في خان يونس.
وبحسب الدفاع المدني تم تسجيل سقوط "10 شهداء في قصف إسرائيلي الليلة (الماضية) على منزل يعود لعائلة الغماري بمنطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة.
وفي شارع الجلاء في مدينة غزة، استهدفت طائرات إسرائيلية مجموعة من المواطنين ما ادى إلى مقتل تسعة، وفقا للدفاع المدني.
وفي غرب مدينة غزة في منطقة دوار أبو مازن، سقط قتيلان في قصف إسرائيلي وفق الدفاع المدني الذي أكد مقتل شخصين آخرين في قصف استهدف خيمة تؤوي نازحين في مخيم الشافعي غرب مدينة خان يونس.
وفي عبسان الكبيرة شرق خان يونس أفاد الدفاع المدني بسقوط قتيل في قصف إسرائيلي أيضا.
وقال عبد المجيد أبو مهادي الذي فقد شقيقه جراء القصف: "كانوا نائمين في بيوتهم ومطمئنين، سقطت عليهم الصواريخ وهم في بيوتهم وتقطع الأطفال والنساء".
وأضاف: "أخي الكبير (65 عاما) كان موجودا مع أولاده وقتلوا، هذا المشهد تقشعر له الأبدان".