التهريب عبر الحدود: أزمة متفاقمة بين الأمن والسياسة مع اقتراب الانتخابات

التهريب عبر الحدود: أزمة متفاقمة بين الأمن والسياسة مع اقتراب الانتخابات

image


التهريب عبر الحدود: أزمة متفاقمة بين الأمن والسياسة مع اقتراب الانتخابات
لا تقتصر على السلع المدعومة أو البضائع المهربة بل تشمل أيضا الأفراد




روجيه أبو فاضل -"الديار"
لم تعد ظاهرة التهريب عبر الحدود اللبنانية ـ السورية مجرّد مسألة اقتصادية أو أمنية عابرة، بل تحوّلت إلى تحدٍ وطني يتناول الأمن القومي والسيادة والاقتصاد معا. وبينما تعاني دول عديدة من هذه الظاهرة في أطر محدودة، يواجه لبنان وضعا أكثر تعقيدا بفعل التداخل بين الداخل والخارج، وارتباط السياسة بالأمن والمصالح الفئوية بالاستحقاقات الوطنية.



في السنوات الأخيرة، برزت بشكل متزايد عمليات التهريب المنظمة، التي لا تقتصر على السلع المدعومة أو البضائع المهربة، بل تشمل أيضا تهريب الأفراد. فقد سُجّلت حالات دخول أعداد كبيرة من النازحين السوريين خلسة عبر المعابر غير الشرعية، في عمليات منظّمة تديرها شبكات محترفة على جانبي الحدود. وعلى الرغم من توقيف بعض المتسللين وترحيلهم، فإن عودتهم السريعة عبر الطرق نفسها، مقابل مبالغ مالية محددة، تعكس استمرار ظاهرة التراخي في ضبط الحدود.


لا يقتصر تأثير التهريب على البعد المالي فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشمل تهديدات ديموغرافية، واستنزافا للموارد الوطنية، وتغذية لبيئات غير مستقرة اجتماعيا وأمنيا. وقد استُخدمت بعض هذه العمليات أحيانا كأدوات ضغط سياسي أو أوراق تفاوضية في سياقات إقليمية ومحلية معقدة.

في هذا السياق، يواصل الجيش اللبناني أداء مهامه الوطنية، رغم الصعوبات اللوجستية والميدانية، تحت إشراف مباشر من قيادة الجيش، وبدعم من مختلف الأجهزة الأمنية، بما فيها الأمن العام اللبناني، الذي يكثّف ملاحقة الداخلين خلسة والمقيمين بصورة غير قانونية. ورغم الإمكانات المتواضعة، تبقى هذه الجهود أساسية في محاولة الحفاظ على الحد الأدنى من ضبط الحدود.

على المستوى السياسي، تتفاعل قضية النزوح السوري مع المشهد الداخلي، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. وقد عاد ملف النزوح إلى واجهة الخطاب السياسي، وسط تبادل الاتهامات بين مختلف القوى حول مسؤولية إدارة هذا الملف في السنوات الماضية. في هذا الإطار، يُطرح تساؤل مشروع حول مدى جدّية المقاربات السياسية التي تُعتمد، لا سيما في ضوء التجربة السابقة ، التي أظهرت قصورا عاما في معالجة هذا الملف بشكل فعّال.
 
وتُظهر التطورات الأخيرة، أن بعض القوى السياسية تسعى إلى إبراز هذا الملف في توقيت انتخابي حساس، ما يطرح علامات استفهام حول مدى تغليب الاعتبارات الوطنية على الحسابات الانتخابية والفئوية.

في المحصلة، يبقى التصدي لملف التهريب ومعالجة تداعيات النزوح السوري بحاجة إلى إرادة سياسية موحدة، وإلى مقاربة شاملة تتجاوز الحسابات الضيقة، تستند إلى دعم الأجهزة الأمنية والقضائية، وتعزز حضور الدولة في كل المناطق الحدودية، قبل أن يتحول التهريب إلى حالة دائمة تهدد الكيان اللبناني في الصميم.

إن ما يحدث على الحدود ليس تفصيلًا، بل إنذار صريح بضرورة صون السيادة الوطنية وتعزيز منظومة الأمن المجتمعي. فهل تتوافر الإرادة الكافية لمواجهة هذا التحدي؟