انتخابات بلدية من دون إشراف

انتخابات بلدية من دون إشراف

image

انتخابات بلدية من دون إشراف
اين هيئة الرقابة؟!

سعيد مالك - "نداء الوطن"


أيّام قليلة تفصلنا عن استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية. حيث سيتوجّه الناخبون إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب مجالسهم البلدية ومخاتيرهم.

وبموازاة التحضيرات والتي أنجزتها وزارة الداخلية والبلديات، بدأت أصواتٌ تشكّك في نزاهة هذه الانتخابات وصُدقيّتها، من باب عدم ترافق هذا الاستحقاق مع هيئة إشراف على الانتخابات، المنصوص عنها في القانون رقم 44 لعام 2017 الخاص بالانتخابات النيابية العامة.

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى نصّ المادة 16 من قانون الانتخابات البلدية الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 118/1977 المُعدّل، التي تنصّ على ما حرفيّته: "تَسري على الانتخابات البلدية أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب في كل ما لا يتعارض وأحكام هذا القانون".

وبالعودة إلى قانون الانتخابات النيابية الحالي، أي القانون رقم 44 لعام 2017، فالمادة التاسعة من هذا القانون نصّت على إنشاء هيئة دائمة تُسمّى: "هيئة الإشراف على الإنتخابات". مهامها وسنداً للمادة 19 منه، مراقبة الانتخابات والسهر على نزاهتها وصحّتها. على أن تُقدّم الهيئة تقريراً بأعمالها مع انتهاء مهامها، وتُحيله إلى كلّ مِن رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ووزير الداخلية والبلديات ورئاسة المجلس الدستوري.

ويُعيَّن أعضاء هذا الهيئة بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المختّص، سندًا للمادة 11 من القانون 44/2017. وذلك قبل تاريخ الانتخابات بستّة أشهر بحدّ أدنى، وذلك كون مهام الهيئة تتطلّب ذلك، كتلقّي طلبات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والإلكترونية الراغبة بالمُشاركة في تغطية عمليات الاقتراع (المادة 80 وما يليها من قانون 44/2017).
بالتالي، يسأل هؤلاء: أين هي هيئة الإشراف على الانتخابات، المنصوص عنها في المادة التاسعة من قانون الانتخابات النيابية، ما دامت المادة 16 من قانون البلديات نصّت على إعمال أحكام قانون الانتخابات العامة، ومنها تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات؟

فجواباً على ما تقدّم، نُحيل هؤلاء إلى نصّ المادة 125 من قانون الانتخابات النيابية العامة رقم 44/2017، حيث نصّت المادة المذكورة، على إلغاء جميع النصوص المُخالفة لأحكام هذا القانون... باستثناء أحكام المواد المتعلّقة بالانتخابات البلدية والاختيارية... كذا... 

مما يُفيد، أنّ أحكام القانون رقم 44/2017 والذي ينُصّ على تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، في المادة التاسعة منه وما يليها، لا ينطبق على الانتخابات البلدية والاختيارية. وبالتالي، عدم تشكيل هذه الهيئة لا ينسف الانتخابات البلدية المُنتظر تفخيخها.

بالخُلاصة، صحيح أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية المنتظرة لن تترافق مع هيئة إشراف يُعيّنها مجلس الوزراء بمرسوم. لكن القضاء والنيابات العامة والضابطة العدلية والقوى الأمنية ستتابعها عن كثب. ولن تسمح بأي تجاوز أو مخالفة.

فكُلّ فعلٍ أم جُرمٍ سيُلاحق، والأجهزة المعنية لن تتخاذل في ضبط أي مخالفة أم تحايل. فغياب هيئة الإشراف لا يعني غياب الرقابة والمحاسبة. فالحكومة مُصرّة على إنجاز هذا الاستحقاق بكل حِرَفيّة ونزاهة واستقامة. لأن إنجاز هذا الاستحقاق بنجاح، سيُعبّد الطريق أمام إتمام الاستحقاق النيابي بعد عام، بنفس النجاح والحيادية.

وإضافةً إلى ما تقدّم، ستكون أروقة مجلس شورى الدولة جاهزة لتلقّي أي طعن بأي نتائج معيوبة أم مزوّرة. وسيُنصِف هذا المجلس كُلّ صاحب حقّ.
أمّا لكل مَن يُلوّح أنّه سيطعن أمام المجلس الدستوري بالانتخابات البلدية والاختيارية... كذا... نقول أن لا صلاحية للمجلس الدستوري بالنظر بأي طعن، إلاّ لجهة دستورية القوانين، وضمن آلية محددة ومهلة معيّنة. ولا دور له في النظر بهذا الاستحقاق لا من قريب ولا من بعيد على الإطلاق.
الأنظار شاخصة إلى استحقاق طال انتظاره، والمجالس البلدية بحاجة إلى دمٍ جديد، فلتتضافر جهودنا لإنجاح هذا الاستحقاق وإتمامه بأبهى صورة، ولنَعُد إلى الدولة والمؤسسات. فلا مفرّ من الرجوع إليها، والاحتكام إلى القوانين والأنظمة دون سواها على الإطلاق.