غريغ إيفانز - نيويورك تايمز
إذا كان «حَظّ» ليفربول غير المُحدِّد في الدوري الإنكليزي الممتاز أمراً حقيقياً، ففكّر في السرد غير المُقنِع في دوري أبطال أوروبا.
محلياً، استفاد فريق المدرب الهولندي آرني سلوت بالتأكيد من انهيار مانشستر سيتي منذ خسارته للفائز بالكرة الذهبية، رودري، بينما عانى أرسنال وسط أزمة إصابات مُنهكة.
كما استُشهِد بغياب لاعبين أساسيِّين من المنافسين في المباريات ضدّ ليفربول - مثل إيرلينغ هالاند (مانشستر) وألكسندر أيزاك (نيوكاسل يونايتد) - كدليل على أنّه الموسم الذي اصطفَّت فيه النجوم لصالح «أنفيلد».
ففكرة أنّ ليفربول اعتمد على الحظ للاقتراب من اللقب خاطئة بوضوح. لقد خسر مباراة واحدة فقط ونزف نقاطاً في 7 مباريات أخرى فقط، متفوّقاً على خصومه من خلال مزيج من البراعة التقنية، التخطيط الذكي، والعزيمة التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان قد حصل على لمسة من الحظ في طريقه، فإنّ الصورة مختلفة تماماً أوروبياً، إذ أنهى ليفربول المرحلة الأولى من دوري أبطال أوروبا في الصدارة، فوُضِع فوراً مع باريس سان جيرمان الفرنسي في دور الـ16.
يبدو هذا كطريقة غريبة لمكافأة النادي الذي تفوّق على 7 من خصومه الـ8 وأنهى المرحلة متقدّماً بنقطتَين على برشلونة (كان سلوت قد أسقط فعلياً المباراة الأخيرة في أيندهوفن بعد ضمان التأهل منذ فترة طويلة).
صحيح أنّ ليفربول تجنّب خوض مباراتَين إضافيّتَين في الأدوار الفاصلة بفضل تأهله المباشر إلى ثمن النهائي، وبعد مشاهدة سيتي، الفائز بدوري 2023، يخرج من البطولة على يَد ريال مدريد، سيكون ممتنّاً لمواصلة مغامرته. لكنّ رؤية الأندية التي أنهت مرحلة الدوري في مراكز أدنى تحصل على مواجهات أكثر سهولة سيكون أمراً محبطاً.
أستون فيلا، الثامن، أوقعته القرعة في مواجهة كلوب بروج، الذي لم يحقق أي فوز في الأدوار الإقصائية في دوري الأبطال حتى شباط. برشلونة حصل على مواجهة مع بنفيكا، بينما يتواجه أرسنال، الثالث، مع إيندهوفن، وإنتر ميلان، الرابع، يواجه فينورد.
سلوت، المَهووس بالسيطرة والتحضير الدقيق، ليس من نوعية المدربين الذين يَستهينون بأيّ خصم، لكنّه كان سيُفضِّل بلا شك تحليل أي من هذه الفرق بدلاً من مواجهة سان جيرمان، الذي أنهى مرحلة الدوري خارج المراكز الـ8 الأولى بتعرّضه إلى سلسلة من المباريات الصعبة للغاية.
وفقاً لتصنيفات «أوبتا» للقوة، التي تُرتِّب جميع الفرق في كرة القدم العالمية وفقاً لمقياس موحّد لمنح متوسط تقييم موضوعي، كان لدى سان جيرمان الجدول الأصعب بين جميع الأندية، إذ اضطرّ للعب خارج ملعبه أمام بايرن ميونيخ وأرسنال، بالإضافة إلى استضافة مانشستر سيتي وأتلتيكو مدريد.
لا شك في جودة سان جيرمان، إذ سحق بريست 10-0 في مجموع مباراتي الملحق، كما أنّ فوزه 4-1 على ليل (بعد تقدّمه 4-0 خلال 37 دقيقة) كان العاشر توالياً لفريق لويس إنريكي.
في الواقع، لم يُهزم PSG في آخر 22 مباراة في جميع المسابقات، تعادل 4 مرّات فقط وسجّل 66 هدفاً خلال هذه الفترة. ويؤكّد سلوت أنّ: «أداءهم الحالي يُخبرنا بكل ما نحتاج إلى معرفته عن التحدّي الذي نواجهه».
إذا كان سلوت محبَطاً بسبب قرعة ليفربول، فلم يُظهر ذلك. ومع ذلك، فإنّ حقيقة أنّ متصدّر المرحلة الأولى يجب أن يُمنح واحدة من أصعب المواجهات في البطولة تشير إلى أنّ نظام دوري الأبطال الجديد قد يحتاج إلى بعض التعديلات.
كما يُثير ذلك تساؤلات حول كيفية تعامل سلوت وغيره من مدربي الفرق الكبرى مع مباريات الموسم المقبل في وقت مبكر من المسابقة. ماذا لو صادفت مباراة كبيرة في الـ»بريميرليغ» في الأسبوع عينه الذي تُلعب فيه مباراة مبكرة في دور المجموعات من الـ»تشامبينوزليغ»، وكان هناك لاعب أساسي بحاجة إلى راحة؟ هل أصبحت المسابقة المحلية هي الأولوية الآن؟
بأثر رجعي، لم يكن على سلوت إشراك جميع نجومه الكبار في المباريات الأولى ضدّ ميلان، بولونيا وريد بول لايبزيغ، لأنّه كان لا يزال هناك مجال للخطأ، وقد يكون تحقيق عدد نقاط أقل أدّى في الواقع إلى مواجهة أكثر ملاءمة في ثمن النهائي.
حقيقة أنّ سلوت اعترف، بعد 7 مباريات، بأنّه لا يزال لا يعرف الفوائد الكاملة لإنهاء المرحلة في الصدارة: «إذا كنتَ المصنّف الأول في التنس، فمن الأفضل أن تواجه المصنّف الـ24 بدلاً من الـ12، لكنّه تصنيف يعتمد على سنوات. الآن نحن في نظام جديد. بعض الفرق تحتل مراكز متقدّمة في الجدول لأنّها حصلت على قرعة سهلة، بينما تتراجع فرق أخرى لأنّها واجهت قرعة صعبة. من الصعب القول إنّ احتلال المركز الأول أو الثاني يمنح أي ميزة. قد تكون محظوظاً، وقد تكون غير محظوظ تماماً. بالنسبة لي، لا يعني ذلك شيئاً».
في النهاية، لم يحصل ليفربول على أي فائدة من احتلاله الصدارة، خصوصاً أنّه لم يحصل على فترة راحة في منتصف الأسبوع عندما أقيمت مباريات الأدوار الفاصلة، إذ قُدِّمت مباراته في الـ»بريميرليغ» ضدّ أستون فيلا بسبب مشاركته في نهائي كأس الرابطة الإنكليزية.
يمكنك بالطبع إلقاء اللوم على الحظ في القرعة. فأتلتيكو مدريد، الرابع، سيلتقي جاره ريال مدريد، ولن يكون سعيداً بذلك أيضاً. لكن في النهاية، هذه هي كرة القدم الإقصائية، ويجب على ليفربول التعامل مع التحدّيات كما تأتي. لقد هزم بطلَين محليَّين، ريال مدريد وباير ليفركوزن، وبما أنّه لم يلعب في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، فقد حصل سلوت على أسبوع كامل للتحضير لكيفية إضافة بطل فرنسا إلى تلك القائمة. إذا نجح في ذلك، ستُنسى صعوبة القرعة بسرعة، وربما حينها سيحصل ليفربول على التقدير الذي يستحقه على هذا الموسم الرائع.