أصحاب العمل يمسكون بخناق العمال: الحدّ الأدنى للأجور نحو 27 مليون ليرة فقط
يرفض أصحاب العمل أي نقاش في زيادة على شطور الأجر
فؤاد بزي - الاخبار
تعنّتَ أصحاب العمل رافضين أيّ تعديل عادل للحدّ الأدنى للأجور، ما فجّر جلسات لجنة المؤشر. لذا، لن يحصل العمال على «عيدية» رفع الحدّ الأدنى للأجور البالغ 18 مليون ليرة، أي 200 دولار، بحسب المرسوم 13164، الصادر في نيسان من عام 2024.
ورفع الحدّ الأدنى وحده هو مخالفة بدأتها الحكومة السابقة، وتستكملها الحكومة الحالية التي تنصاع لما يقوله أصحاب العمل بدلاً من أن تفرض عليهم تصحيحاً كاملاً للأجور يبدأ بالحد الأدنى ويشمل الشطور الباقية.
يمسك أصحاب العمل بخناق العمال لأن السلطة تحابيهم بشكل كامل والاتحاد العمالي العام ليس لديه أي قوّة تمثيلية بين العمّال لإطلاق أي تحرّك يفرض التوازنات.
رغم التسريبات والوعود عن «اقتراب موعد خروج الدخان الأبيض» من جلسات لجنة المؤشر قبل نهاية نيسان الجاري، والتوصل إلى اتفاق بين ممثّلي العمال وأرباب العمل يقضي برفع الحدّ الأدنى للأجور، إلا أنّ وزير العمل محمد حيدر أعلن أمس «تأجيل اجتماع لجنة المؤشر إلى يوم الأربعاء 7 أيار 2025»، معلّلاً السبب بأنه يسعى «لإفساح المجال أمام المزيد من المشاورات والنقاشات بهدف التوصل إلى أفضل صيغة ممكنة تتعلق بمسألة رفع الحدّ للأجور والتعويضات».
ما لم يقله حيدر في بيانه ظهر في أروقة لجنة المؤشر. فالخلافات بين ممثّلي أرباب العمل، أو ما يُسمّى بـ«الهيئات الاقتصادية»، وممثّلي العمال، كبيرة جداً، لدرجة يمكن القول معها إنّ «تعديل الحدّ الأدنى للأجور لن يتحقّق قريباً»، وفقاً لمصادر مواكبة.
تقول هذه المصادر، إن «أصحاب العمل في وادٍ، وممثلي العمال في وادٍ آخر». ويظهر هذا الأمر في الأرقام التي عُرضت في اللجنة. فأصحاب العمل يرفضون زيادة الحدّ الأدنى للأجور إلى أكثر من 27 مليون ليرة، أي بزيادة 9 ملايين ليرة عن الحدّ الأدنى المُعتمد حالياً، والبالغ 18 مليون ليرة، وهو ما رفضه الاتحاد العمالي العام، وفقاً لرئيسه بشارة الأسمر.
من جهته، رفع الاتحاد العمالي سقف المفاوضات مع أصحاب العمل مطالباً بحدّ أدنى للأجور يبلغ 900 دولار على أقل تقدير.
بحسب الأسمر «تؤكّد دراسات الأجور الخاصة بالاتحاد أنّ الحدّ الأدنى للأجر للعمال في بيروت وضواحيها لا يجب أن يقل عن 1170 دولاراً، و700 دولار للعمال القاطنين خارج بيروت».
لكن، خلال المداولات في لجنة المؤشر، رفض أصحاب العمل طرح الاتحاد تماماً، واعتبروا أنّ «البحث في هذه الأرقام عبثي»، فاندفع الأسمر لتقديم تنازلات سريعة مخفّضاً سقف التفاوض إلى 550 دولاراً للحد الأدنى، واصفاً خطوة التراجع بـ«الانفتاح على البحث».
المشكلة أن أصحاب العمل رفضوا هذا التنازل، وأصرّوا على مبلغ 27 مليون ليرة حداً أدنى للأجور، أي 300 دولار. ولم يوضح أصحاب العمل سبب تمسّكهم بهذه الزيادة الزهيدة، البالغة 100 دولار إضافية، ورفضهم حتى البحث بزيادات إضافية للعمال سواء في المنح المدرسية أو في شطور الأجر أو في أي تقديمات أخرى.
وكعادتهم، رفض أصحاب العمل التعليق على الأمر، إذ امتنع رئيس جمعية تجار بيروت مارون شماس عن التعليق على أسئلة «الأخبار» بشأن موقف أصحاب العمل. شمّاس من أصحاب نظرية أن الهيئات تطاع ولا تطيع، أي إن أصحاب العمل هم أصحاب الكلمة الأخيرة على رئيس الحكومة ووزير العمل.
وبحسب مصادر «الأخبار» في لجنة المؤشر، يتحجّج أصحاب العمل بالأوضاع الاقتصادية التي أفرزتها الحرب لرفض البحث في رفع الحدّ الأدنى للأجور.
وفي عدد من الجلسات، أعاد أصحاب العمل التذكير بالركود الذي أصابهم نتيجة لجائحة كورونا منذ 5 سنوات لزيادة التعنت وإسقاط أيّ محاولة للوصول إلى تصحيح حقيقي للحدّ الأدنى للأجور.
لذا، وصّفت المصادر جلسات لجنة المؤشر بـ«طبخات البحص»، إذ «تحوّل كلّ ممثّلي الهيئات الاقتصادية إلى صقور»، يقول الأسمر، فالبحث يوحي بـ«وجود اتفاقات مسبقة على إسقاط كلّ الطروحات».
وبسبب انسداد الأفق أمام أيّ حوار مع أصحاب العمل «طلب الاتحاد العمالي العام تأجيل جلسات لجنة المؤشر» إفساحاً في المجال أمام وزير العمل للوصول إلى أرضية مشتركة.
وفي سياق مرتبط، رفض أصحاب العمل البحث في جلسات لجنة المؤشر بتعديل متمّمات أجور العمال، مثل بدلات النقل، والمنح المدرسية، وغلاء المعيشة، إذ طالب ممثّلو العمال بإدخال سلفة غلاء المعيشة في صلب الأجر.
وأعادوا السبب في هذه المطالبة كي لا يقعوا في نفس الفخ الذي نُصب لهم عند تعديل الحدّ الأدنى للأجور عام 2024 حين وافق مجلس الوزراء على رفعه إلى 18 مليون ليرة، وأسقط بند إضافة 9 ملايين ليرة لأجر كلّ العمال على شكل سلفة غلاء معيشة.
بالتالي، لم يحصل العامل الذي يتقاضى أكثر من 18 مليون ليرة شهرياً على أيّ زيادة على أجره. ولكن، رفض أصحاب العمل هذه الزيادة، واعتبروا خلال النقاشات أنّهم الأقدر على تحديد عدالة توزيع الأجور على العمال.
ولعدم زيادة المنح المدرسية، تذرّع أصحاب العمل بانتهاء العام الدراسي الحالي. وطرحوا مضاعفتها في العام الدراسي المقبل بمقدار مرتين ونصف مرّة.
في المقابل، يشير الأسمر إلى مطالبة الاتحاد العمالي العام بمضاعفة المنح المدرسية 5 مرّات، لتصل إلى 60 مليون ليرة عن كلّ ولد يتابع تعليمه في التعليم الخاص، و20 مليون ليرة عن كلّ ولد يتابع تعليمه في المدرسة الرسمية.
لذا، طلب الاتحاد العمالي العام من وزير العمل التمهّل في إصدار تعميم جديد وطلب صرف المنح المدرسية إلى حين انتهاء المفاوضات.
وفي ما يتعلّق ببدلات النقل، طرح ممثّلو العمال إعادة النظر في بدل النقل اليومي للوصول إلى سلّة متكاملة. فرفض أصحاب العمل أيّ بحث في زيادتها، وبرّروا قرارهم بعدم ارتفاع أسعار المحروقات عالمياً.