الإمساك بالازدهار الدائم وبالإنتاج والسوق 24/24 و7/7... والخراب الآتي...؟؟؟
نصر: التوازن هو اللعبة الأساسية التي تسمح بتجنّب المخاطر الكبرى
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
وصلت الفوضى العالمية بإنسان اليوم الى فقدان التوازن بين كل شيء، وعلى كل المستويات تقريباً.
24/24...
فاقتصادات بلدان زمننا الحالي تبحث عن الإمساك بالازدهار والإنتاج الدائم. والمؤسسات في كل أنواع القطاعات الاقتصادية تفتّش عن "الإمساك بالسوق" 24/24، و7 أيام من 7. والعامل في عصرنا الحاضر يبحث عن الإمساك بظروف عيش مُستدامة، حتى ولو اضطر الى العمل 24/24.
وبين كل الأطراف السابق ذكرها، مستهلك عالمي يتوغّل في ثقافة الاستهلاك الدائم لكل شيء، ولأي نوع من الإنتاج، 24/24، و7 أيام من 7، في وقت وصل فيه الإنسان نفسه الى مرحلة بات متعباً جداً فيها، وباحثاً عن كل ما يمكنه حماية البيئة كمدخل أساسي لتوفير استدامة حياته على الأرض.
مهمّة سهلة؟
فحكومات العالم باتت تتدخل بدرجات أجهزة التدفئة والتبريد، وبكمية وعدد ساعات الإضاءة المنزلية العادية، وبكل "شبر مياه"، وبغيرها من الخطوات المنزلية وذات الاستعمالات الفردية... لحماية البيئة، فيما تترك آلاف المؤسسات الناشطة 24/24 و7 أيام من 7، لإنتاجها الذي يُتعب الأرض باستهلاك كميات هائلة من الكهرباء، ومن المياه، والوقود الأحفوري، وأجهزة التكييف، والدواخين، والإنترنت، وأحدث أجهزة التكنولوجيا... وهو ما يتسبّب بانبعاثات ضارّة كبيرة جداً في كل ساعة ودقيقة.
فكيف يمكن تحقيق التوازن؟ وهل يمكن لذلك أن يكون مهمّة سهلة؟
ميزانية وخطة
أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور ألبير نصر "أهمية البيئة والحفاظ على كل الثروات البيئية. ففي لبنان مثلاً، مشكلتنا الأساسية على هذا المستوى اليوم هي بأن ليس لدينا ميزانية ولا خطة واضحة لمعالجة الآثار البيئية السلبية التي أحدثها النشاط الاقتصادي في أوقات سابقة، والتي تراكمت على مدى العقود الماضية".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "وجود أمثلة كثيرة على ذلك، منها الحالة التي وصلت إليها بحيرة سدّ القرعون، التي باتت مرتعاً لكل أنواع الأمراض والتلوث البيولوجي والكيميائي. وهو تلوّث يضرّ بالإنسان وبالبيئة الزراعية المحيطة، بينما كان يمكنها أن تصبح معلماً سياحياً".
تجنُّب المخاطر
وأوضح نصر أن "التلوث الأقوى هو ذاك الناجم عن التفلُّت بالضرر، وعدم معالجته. وهنا نقول إن تقليص استهلاك الوقود الأحفوري والكهرباء مثلاً، من خلال احترام أوقات العطل الرسمية، أي إقفال المؤسسات بأيام معينة في السنة، هو ذات تأثير أقل من ذاك الذي يؤدي إليه وضع خطة لمعالجة آثار الضرر البيئي المتراكم مع مرور الوقت. هذا مع العلم أنه لتحقيق هدف الحفاظ على البيئة، يتوجب تحمُّل كلفة اقتصادية معينة، فيما نتائج التنظيف والإصلاح البيئي قد تكون أحياناً أقلّ من المُنتَظَر على صعيد حماية البيئة. وهذا يطرح الجدوى النهائي من كل شيء، وهوامش الإنفاق على كل شيء، على بساط البحث في النهاية، لا سيما أن أي نشاط اقتصادي هو ملوّث للبيئة، ولا يمكن إيجاد حلّ كامل لذلك".
ولفت الى أن "واحدة من مفارقات الاقتصاد البيئي، هي أنه لا يمكن تحقيق حماية بيئية بنسبة 100 في المئة، لأن كلفة ذلك مرتفعة جداً، وهي قد تنعكس سلباً أحياناً ضمن الإطار العام. فعلى سبيل المثال، يتوجب التفكير دائماً بمراحل ما بعد استبدال الوقود الأحفوري والكهرباء بالبطاريات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية والطاقات البديلة، وذلك انطلاقاً من ضرورة البحث بكيفية طمر تلك البطاريات والمواد وتفكيكها عند انتهاء مدة استعمالها، وكيفية التخلّص من المواد السامة التي تحويها، لأن أي خطوة غير سليمة على هذا المستوى يمكنها أن تكلّف البيئة وحياة الإنسان ثمناً باهظاً".
وأضاف:"لا بدّ من إقامة توازن بين الاستهلاك الاقتصادي والاقتصاد البيئي. فعلى سبيل المثال أيضاً، هناك مليارات أجهزة الخلوي المنتشرة بين أيدي مليارات المستخدمين حول العالم، والتي يمكن لعدد كبير منهم أن يتخلّصوا منها سنوياً من أجل الموضة فقط، وبهدف اقتناء أجهزة أكثر حداثة. ولكن لذلك انعكاسات بيئية خطيرة على مستوى عالمي، إذا لم يُحسِن المستهلك التخلّص من الجهاز القديم، ومن المواد الضارّة التي يحويها".
وختم:"التوازن هو اللعبة الأساسية التي تسمح بالحفاظ على المنافع الضرورية من كل شيء، وبتجنّب الأضرار والمخاطر الكبرى".