الأميركيون في الحقول الروسية "النادرة" وسقوط الكثير من الأسرار الكبرى...

الأميركيون في الحقول الروسية "النادرة" وسقوط الكثير من الأسرار الكبرى...

image

الأميركيون في الحقول الروسية "النادرة" وسقوط الكثير من الأسرار الكبرى...

حايك: ترامب يُعطي محفّزات لن تصل الى تعاون تكنولوجي مُطلَق مع الروس

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

أبْعَد من الثروات والمعادن الأوكرانية، ومن الصفقات الاقتصادية والمالية التي يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبرامها على هامش السلام الأوكراني غير العادل، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا مستعدة لتقديم فرصة "لشركائها الأميركيين" (بحسب تعبير بوتين) للعمل معاً في مجال المعادن الأرضية النادرة في روسيا.

 

بوتين - ترامب

وأكد الرئيس الروسي أن عبارة "الشركاء" تتخطى الهياكل الإدارية والحكومية الأميركية، لتشمل الشركات الأميركية أيضاً، إذا أبدت اهتماماً بالعمل المشترك مع موسكو في هذا المجال، لافتاً الى أن لدى روسيا موارد أرضية نادرة أكثر بكثير ممّا لدى أوكرانيا، ومشيراً الى أن هذه الاستثمارات والمشاريع تحتاج الى رأسمال ضخم الى حدّ كبير.

وأتى كلام بوتين هذا، ليكمّل ما أعلنه ترامب أيضاً قبل أيام، عن اهتمامه باستثمار الثروات الطبيعية الروسية، قائلاً إن لدى روسيا "احتياطيات ضخمة" منها، ومؤكداً أن المشاريع الاقتصادية المشتركة بين واشنطن وموسكو تصبّ في مصلحة السلام طويل الأمد.

 

قرارات موحّدة؟

وعندما نتحدث عن ثروات طبيعية روسية، وعن معادن روسية أرضية نادرة، نكون نتعامل مع كنوز استراتيجية، ذات استعمالات استراتيجية، تبدأ من أقلّ السّلع، وتصل الى أكبر تكنولوجيا مدنية وعسكرية على حدّ سواء، وهو ما سيكون له ترجمة معيّنة على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية والعلمية، لا الاقتصادية والمالية فقط.

فهل تفتح صفقات المعادن والثروات الكبرى بين واشنطن وموسكو أبواباً للخبراء والعلماء الروس بمختلف المجالات التكنولوجية المدنية والعسكرية الحساسة، في الداخل الأميركي؟ وهل تُفتَح أبواب المختبرات والمراكز الروسية الحساسة للعلماء والخبراء الأميركيين؟ وهل تسقط الكثير من الأسرار والحواجز التكنولوجية وغير التكنولوجية بين الطرفَيْن، بطريقة تمهّد لتكنولوجيا وسياسات وقرارات عالمية كبرى وموحّدة بين الأميركيين والروس مستقبلاً؟

 

خطّ نفوذ

ذكّر الأستاذ الجامعي، والخبير في مجال الاتصالات طوني حايك بأن "السياسات والقرارات في الولايات المتحدة الأميركية متقلّبة، مهما اعتقد البعض أن هناك سياسة واحدة يديرها مجلس الأمن القومي. والاستراتيجيا الضمنية لأميركا تنظر الى أن الكرة الأرضية مؤلّفَة من قسمَيْن، الأول الى جانبها والآخر الى جانب الصين. وتلعب واشنطن اليوم في الحدود بين هذَيْن القسمَيْن".

وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم": "تعتبر أميركا أن هناك خطاً يمرّ بين الهند والبلدان العربية ويصعد باتّجاه الصين، وهي (أميركا) تنظر الى إيران وروسيا من ضمنه، وتعتبر أنه يتوجّب عليهما (روسيا وإيران) أن تكونا تحت نفوذها، وليس تحت النفوذ الصيني. وهذا أساسي في السياسة الأميركية الدولية. وأما الحرب في أوكرانيا، فقد خربطت الحسابات الأميركية بعدما دفعت روسيا الى التحالف مع إيران، وعمّقت التحالف بين طهران وموسكو وبكين، ودفشت خطّ النفوذ الأميركي من آسيا الى أوروبا، فضيّقته. وما يقوم به ترامب اليوم، هو من ضمن إعادة خط النفوذ الأميركي الى هدفه الأساسي بالاقتراب من الهند وروسيا وإيران بأقصى حدّ، والتحالف مع كل القوى التي تدور تحت تلك المظلّة، لمواجهة الصين".

 

المصالح...

وأشار حايك الى أن "ترامب يُعطي محفّزات لروسيا، لن تصل الى تعاون تكنولوجي مُطلَق مع الروس، بل تقوم على استخراج معادن لن يتمكنوا هم (الروس) من استخراجها بسبب المشاكل الاقتصادية الكبرى التي يعانون منها. وهي معادن تحتاجها أميركا، ويمكن لروسيا أن تستعمل قسماً منها أيضاً، وهذا اتّفاق اقتصادي يُعيد النفوذ الأميركي الى المنطقة هناك. وبالتالي، هذه ليست هجمة أميركية للتنازل عن المبادىء التكنولوجية المهمّة جداً بالنسبة الى الأميركيين".

ورأى أنه "لا مانع لدى أميركا إذا أرادت روسيا أن تطوّر شرائح إلكترونية، لأن الأميركيين يدركون أن الروس سيكونون متأخّرين عن الخبرات الأميركية، وسيبقون تحت السيطرة الأميركية في عملهم هذا. فاليوم، لا أحد ينافس أميركا في عالم الشرائح سوى الصين. وحتى بكين لا تزال متأخّرة بمجالات عدة في هذا المجال، بالمقارنة مع الأميركيين".

وختم:"مصالح الدول تديرها مناطق النفوذ، وقد يكون هناك قرارات مشتركة بين الأميركيين والروس مستقبلاً، إذا تطابقت بعض المصالح بينهما في منطقة معيّنة مثلاً. هذا مع العلم أن الأميركيين يصلون تدريجياً الى كل مناطق النفوذ الكبرى، بعدما باتت روسيا وأوكرانيا وإيران وغيرها من البلدان مُتعَبَة جداً اقتصادياً. فهذا يسهّل أكثر على أميركا بلوغ خط النفوذ الذي تريده في آسيا بوجه الصين، في الفترات القادمة".