سياسيون لبنانيون يضحكون على الناس وهم لن يقصّروا في استبدال ناخبيهم بالروبوتات!...
أبي نجم: كان يمكننا أن نقلق بالكامل لو كنّا لا نزال في ظلّ الحكومات السابقة
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
يتردّد الكثير من الأفكار حول الذكاء الاصطناعي ومستقبله في لبنان، وهذا جيّد. ولكن أبرز ما نلاحظه على هذا الصعيد، هو الكمّ الهائل من السطحية التي تصدر عن بعض الرسميين، الذين يجهدون في خداع اللبنانيين بأمور ليست دقيقة تماماً.
حكايات تافهة
ففي النهاية، الدول طبقات ودرجات. وكما أنه لا يُسمَح لكل البلدان بامتلاك أحدث أنواع الأسلحة، ولا بالقيام بكل أنواع المشاريع، ولا بكل أنواع الاقتصادات والاستثمارات والصناعات، فإن بلداناً عدة (من بينها لبنان) لن يُسمَح لها أيضاً بامتلاك "آخر صيحات" التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وكل ما سيكون متاحاً لها، هو ما تعتبر الدول الكبرى التي ترسم حدود اللّعبة حول العالم، بأنه ممكن لها. وبالتالي، لا ضرورة لحكايات "تافهة"، يقصّها علينا هذا أو ذاك، لا على الشاشات، ولا في جلسات مناقشة البيان الوزاري مثلاً.
أزمات إضافية؟
كما تبرز بعض التفاهات المُضحِكَة على هذا الصعيد أيضاً، عندما يطلّ علينا أحد السياسيين المتحمّسين لزمن الروبوتات، نظراً لكونه "يسنّ أسنانه" لصرف عشرات أو مئات الموظّفين من شركاته أو مصانعه مستقبلاً، وهو يقدّم أفكاره بصورة السياسي المُتفاني الذي يضع لبنان على سكة التطوّر العالمي، متجاهلاً أن من واجبه تحريك النقاش حول ضرورة إقامة التوازن اللازم بين التكنولوجيا من جهة، وعدم زيادة نِسَب البطالة، من جهة أخرى.
وانطلاقاً ممّا سبق، وبما أننا في بلد "ما بيزبط" لا بشكل تقليدي، ولا بالتطوّر، هل يصبح زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مرحلة تحضيرية لأزمات لبنانية إضافية وكبرى، بدلاً من أن يرتاح الشعب اللبناني؟
التبنّي لا التصنيع
أوضح الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم أن "النقاش حول الذكاء الاصطناعي في لبنان يتمحور حول استخدامه، وليس تصنيعه. فحتى في أكبر البلدان العربية التي تسعى الى أن تصبح رائدة في المجال التكنولوجي، نسبة التصنيع التكنولوجي فيها قليلة جداً، وهي تتبنّى استخدام الذكاء الاصطناعي، لتزيد قوتها وفاعليتها في مجال الأعمال والمشاريع والاقتصاد".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "ما هو ممكن في لبنان مستقبلاً، تعميم برامج الذكاء الاصطناعي العامة، والقادرة على أن تساعد جداً في الأعمال المالية والمحاسبة والموارد البشرية، وغيرها. ولكن قبل أي شيء، يتوجّب إجراء تحوّل رقمي. فالذكاء الاصطناعي يرتكز على البيانات بشكل كبير جداً، وعلى الخصوصية وأمن المعلومات. وهذه كلّها لا تزال غير موجودة في لبنان، في مكان ما. ولذلك، من المُبكر أن يتحدثوا عن ذكاء اصطناعي فعّال قريباً، لا سيّما أن وزارة الذكاء الاصطناعي هي وزارة دولة، أي من دون موظفين وميزانية. وبالتالي، أقصى الممكن في لبنان هو محاولة تبنّي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتطبيقات والبرامج الخاصة بها. وهذه ستؤثر طبعاً على سوق العمل، كما هو الحال في كل دول العالم".
توازن...
ورداً على سؤال حول إمكانية أن تدفع فئات معيّنة من الشعب اللبناني حصراً، ثمن تبنّي التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، في بلد (لبنان) لا خطط فعّالة لشيء فيه، ولا لإقامة توازن بين ضرورات التطور من جهة، والحفاظ على لقمة عيش الناس في وقت واحد، من جهة أخرى، أجاب أبي نجم:"كان يمكننا أن نقلق بالكامل، لو كنّا لا نزال في ظلّ الحكومات والحقبات السابقة. وأما اليوم، فوزير الاتصالات الجديد والوزير المكلّف بالذكاء الاصطناعي هما أصحاب اختصاص في مجالَيْهما، ومن المتوقَّع أن يكونا على قدر المسؤولية المُلقاة على عاتقهما".
وختم:"هذا ما نتّكل عليه حالياً. بالإضافة الى أن كل ما يحصل على صعيد الدولة الآن، يتمّ برعاية أميركية - سعودية نوعاً ما، وهو ما يمكّن من مساعدة الحكومة اللبنانية بالتطوّر وبوضع إطار للحوكمة".