ترامب ليس أميركا كلّها فهل تقترب مساعي عزله "جمهورياً" و"ديموقراطياً"؟...
نادر: أي فصل بينه وبين أميركا هو إعادة نظر بكل المؤسّسات الديموقراطية هناك
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
هل يتوجّب التمييز بين الولايات المتحدة الأميركية وبين ترامب؟ أم ان الرئيس الأميركي يقوم بما تريده الدولة الأميركية العميقة بالفعل، سواء في الملف الأوكراني، أو على صعيد كل باقي الملفات العالمية؟
خداع العالم؟
ففي الواقع، تختلط الأمور كثيراً بين كل ما يفعله ويقوله ترامب من جهة، وبين الاعتقاد أن هذه ليست أميركا، من جهة أخرى، فيما تغيب أي إشارة من الإشارات الرسمية الوازِنَة عن الحزبَيْن الجمهوري والديموقراطي على حدّ سواء، التي تسمح بالقول إن "المؤسّسة الأميركية" العامة غير راضية عمّا يصدر عنه.
فهل يخدع الأميركيون العالم اليوم؟ أو هل بدأ مسار الخداع هذا قبل سنوات، أي خلال حقبة حكم الرئيس السابق جو بايدن نفسه، المُخالف لترامب بكل شيء في الظاهر؟ وهل كان بايدن مُخادِعاً الى درجة أنه اعتمد سياسة توحيد العالم الحرّ وتقويته في العلن، بينما عمل سرّاً على التحضير لإيقاع أوروبا بكل هذا الكمّ الهائل من التحديات والمشاكل التي تعاني منها اليوم؟
خطوات تأديبية
وإذا كانت الدولة الأميركية العميقة غير راضية أبداً عمّا يقوم به ترامب، خصوصاً على صعيد التقارُب الأميركي - الروسي، فلماذا لم تبدأ أي خطوات تأديبية بحقّه وبحقّ العديد من مكوّنات إدارته من داخل الحزب الجمهوري أولاً، ومن الحزب الديموقراطي ثانياً، حتى الساعة بَعْد؟
يمثّل أميركا...
اعتبر الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "ما يفعله ترامب حالياً يمثّل الولايات المتحدة الأميركية. فهو انتُخِب بأصوات الأميركيين، وفاز بأكثرية مُريحة، وهذه نقطة أساسية".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "ترامب لا يمثّل آراء كل الأميركيين طبعاً. كما أن هناك حزباً ديموقراطياً لديه طروحات مختلفة، لا سيّما في الشأن الأوكراني. ولكن أي فصل بينه وبين أميركا، هو إعادة نظر بكل المؤسّسات الديموقراطية التي تقوم (أميركا) عليها".
رفع السّقف
وأكد نادر أن "ما يتحكّم بالواقع، هو أن هناك محاولة من جانب ترامب لانتزاع روسيا من الحضن الصيني. وبالتالي، هو يُعاكس ما فعله (الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد) نيكسون خلال السبعينيات، الذي استطاع في ذلك الوقت انتزاع الصين من الحضن السوفياتي. وأما اليوم، فيحاول ترامب القيام بالعكس، أي انتزاع روسيا من الحضن الصيني، لأن الأولوية بالنّسبة إليه هي احتواء صعود بكين".
وأضاف:"يُعرَف ترامب باعتماده المواقف القصوى في أي مفاوضات، أي انه يرفع السّقف عالياً جداً لتمكين نفسه من التفاوض. وهذا ما رأيناه في أمور عدة، وبكيفية تعاطيه مع الكنديين والأوروبيين مثلاً، وبملف حلف "الناتو"، الى درجة أنه أجبر الأوروبيين على أن يزيدوا ميزانية الدفاع لديهم".
أقوى؟
وأشار نادر الى أن "ترامب يرى أن النظام العالمي الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية سابقاً لم يَعُد يخدم مصالحها، وأن الآخرين يستفيدون منه على حسابها. ولذلك، هو يقوم بعملية تحوّل وانقلاب على بعض المؤسسات والمواقف والثوابت، انطلاقاً من أن العالم تغيّر، أي ان الصين باتت هي المنافس الأول، وليس الإتحاد السوفياتي كما كانت عليه الأحوال خلال الحرب الباردة. وبالتالي، ما يقوم به الآن هو جزء من تقنية المفاوضات".
وردّاً على سؤال حول أميركا التي سيتركها ترامب في 2029، وما إذا كانت ستُصبح مختلفة جذرياً عن تلك التي عرفها العالم حتى الأمس القريب، أم لا، أجاب نادر:"ربما ستُصبح أقوى مع ترامب. فهو سيُنعشها اقتصادياً من جديد، وسيحقّق مصالحها أكثر في ملفات عدّة، كتلك المرتبطة بإيران والصين".
وختم:"لا أحد يعلم ماذا ستكون تداعيات سياسته على الملف الأوروبي تحديداً في المستقبل. ولكن لا شكّ في أن لديه مقاربة مختلفة عن الرؤساء السابقين".