المسيحيون "ينامون" و"يحلمون" بينما ترسم كل أقليات المنطقة مستقبلها بيدها...

المسيحيون "ينامون" و"يحلمون" بينما ترسم كل أقليات المنطقة مستقبلها بيدها...

image

المسيحيون "ينامون" و"يحلمون" بينما ترسم كل أقليات المنطقة مستقبلها بيدها...

الدويهي: كوارث كلفتها كبيرة على مستقبلهم في لبنان والشرق الأوسط

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

بين هدر الوقت المسيحي بالكلام والتصوير في هنغاريا، وبالسجالات الحزبية والسياسية المسيحية - المسيحية التي لا نفع منها في لبنان، من جهة، ومشاهد القوميات والطوائف والمذاهب... غير المسيحية في سوريا وعلى امتداد المنطقة، التي تكتب مستقبلها بالدم وبصوتٍ مرتفع، واقع مسيحي متقهقر، وسيتقهقر أكثر بعد.

 

100 عام...

فكل الأقليات الإقليمية ترسم مصيرها من دون خجل، وترفع صوتها بوضوح بشأن ما ترفضه وما تقبل به لمستقبلها، على وقع المتغيّرات الدولية الحالية، وقبل أن تنضج التسويات الكبرى. وأما المسيحيون، ففي بعض المؤتمرات والاستحقاقات الانتخابية والمناصب ووعودها "ينامون"، وذلك بدلاً من التنبّه والتحلّي باليقظة، حتى لا تُرسَم الأعوام الـ 100 القادمة على حسابهم.

 

مجتمع "كلاس"

أوضح رئيس "حركة الأرض اللبنانية" طلال الدويهي أن "المؤتمرات التي تُعنى بشؤون المسيحيين، كذاك الذي عُقِدَ في هنغاريا مؤخراً، مثلاً، تبقى إطاراً اجتماعياً للتعارف والاطلاع على الوضع المسيحي في الشرق الأوسط، أكثر من أي شيء آخر".

وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "لا مرجعية للمسيحيين في سوريا والعراق، ولا قيادة، ولا زعامة. وهذا واقع مختلف عمّا هو الحال في لبنان. ولكن مشكلة المسيحيين في الشرق الأوسط عموماً، هي في أنهم ينظرون لأنفسهم كمجتمع أوروبي "كلاس"، وذلك مع فارق أساسي بين واقع الحال في لبنان وفي دول عربية أخرى. ففي لبنان، يعتبر المسيحيون أنه طالما أن شرعية الدولة والجيش ورئاسة الجمهورية متوفّرة، فإن وضعهم معزَّز".

 

تضارُب...

وأشار الدويهي الى أن "المجتمع المسيحي يحوي الكثير من الطاقات الكبيرة، من مهندسين ومحامين وأطباء ونقابات، سواء في لبنان أو حتى على امتداد المنطقة كلّها، إذ في مصر مثلاً، يقوم 46 في المئة من الاقتصاد المصري على الأقباط. هذا فضلاً عن أن المسيحيين يهيمنون على كل القطاعات المهمّة والحساسة، كالمصارف والفنادق والمصانع وتجارة الذهب والماس وغيرها. ولكن العقل المسيحي مبنيّ على التحرّر من كل شيء، حتى من ذاته، ومن أخيه، ومن بيئته. وهذه مشكلة تنعكس على الجوّ المسيحي العام".

ولفت الى أن "التضارب بالواقع السياسي بين الأحزاب المسيحية، وعداواتها، تجعل من المسيحيين فئة غير مؤثرة في الواقع السياسي. وحتى إن السلطات الدينية المارونية والكاثوليكية والأرثوذكسية، لم تحلّ بدورها مكان الأحزاب والشخصيات السياسية المسيحية في الإمساك بالأرض والناس".

 

كوارث

وحذّر الدويهي من أن "انغماس المسيحيين بحياة الترف والرفاهية، واستسلامهم لظروف الحياة السهلة، وعدم استشعارهم الأزمات، وإهمالهم المشاكل التي تعاني منها فئات مسيحية من طبقات غير ميسورة، يجعلهم أمام مستقبل مُظلِم. فالرفاهية الزائدة، وعدم التعاطي مع الواقع، والاهتمام المسيحي المحصور بالاقتصاد والمال، وبحياة السياحة والسفر والترف، هي نقاط يدفع المسيحيون ثمنها بحضورهم في الدولة وبالسياسة والوجود، وذلك بدلاً من أن يواجهوا الواقع كما يفعل غيرهم من القوميات والطوائف والمذاهب كالعلويين مثلاً، أو الدروز، أو السُنّة، أو الشيعة، أو الأكراد".

وذكّر بأنه "لا يمكننا اليوم أن نجد بسهولة، ولا أي شاب مسيحي يعمل كبلّاط مثلاً، أو في مجالات كدهن المنازل، أو إمدادات الكهرباء، أو ما يشبهها من أعمال. وفي القرى المسيحية الجبلية، يتعذّر قطاف أو حصاد المحاصيل والمواسم الزراعية من دون الاستعانة بعامل سوري. وهذه مشكلة مسيحية نابعة من ثقافة الترف. ونتيجةً لذلك، يستسهل المسيحي بَيْع قطعة أرض لأهداف غير جوهرية، من بينها تغيير ديكور المنزل مثلاً، أو شراء سيارة فخمة، أو ثياب فخمة. وهذا ترف وصل حتى الى رجال الدين المسيحيين أنفسهم، والى مضمون كلامهم، وهذه كوارث كلفتها كبيرة على مستقبل المسيحيين في لبنان والشرق الأوسط".

 

لا استراتيجيا

وشدد الدويهي على أن "الواقع يُظهر أن رجال الدين و(رجال) السياسة المسيحيين لا يعملون على أساس أن هناك مستقبلاً للمسيحيين في لبنان. هذا مع العلم أن أي رئيس للجمهورية في لبنان، يُنتَخَب بجوّ أنه رئيس لكل لبنان، بينما يُكلَّف أي رئيس للحكومة بأجواء تقول إنه رئيس للسُنّة، ومثله رؤساء مجلس النواب الذين يتصرفون وكأنهم رؤساء للشيعة. فيما يتصرّف أي وزير درزي في وزارته وكأنه وزير للدروز، وهذه مشكلة أخرى كبرى أيضاً. فالمسيحي وحده خانع وخائف ويساير الجميع، وهو ما يُبرز الحاجة الى قانون انتخاب يعطي كل فئة حيثيتها".

وأكد أن "المجتمع المسيحي يفتقر الى استراتيجيا وإيديولوجيا تحرّكه، وذلك لصالح السياحة والاصطياف، والاهتمام بالمال والأعمال والمصارف، وبالتعليم المُكلِف جداً في أفضل المدارس والجامعات، وفي الخارج أحياناً كثيرة".

 

التصحيح...

وأسف الدويهي لأن "المشكلة تطال الفاتيكان في تعامله مع الواقع المسيحي أيضاً. فعلى سبيل المثال، لا مجال للتمييز بين سفير الفاتيكان من جهة، وسفير أي دولة أخرى بشيء، من جهة أخرى، سوى بلباسه، إذ إن كلامه يشبه حديث أي سفير لدولة أجنبية أخرى في لبنان، فيما لا يقوم بالتدقيق الضروري واللازم في ميزانيات المؤسسات الكاثوليكية، ولا بالمساعدات المقدّمة لها".

وختم:"نحن لسنا بحاجة الى مؤتمر يُعقَد في هنغاريا لنجمع مساعدات وأموال للمسيحيين، في وقت أن أموال وحسابات الزعماء المسيحيين في الخارج قادرة على أن تُقفل العجز في المستشفيات والمدارس المسيحية. فهذه المؤسسات هي أكثر ما يُثقل كاهل المجتمع المسيحي اليوم. وبالتالي، إما تصحيح الواقع المسيحي عموماً، وعلى المستويات كافة، أو على الدنيا السلام. فالمشاكل كثيرة، والمسيحيون باتوا تحت رحمة السنيّة السياسية مرة، والشيعية السياسية مرة أخرى، والإيديولوجيات المستوردة التي تخوض حروبها على الأراضي اللبنانية، والتي تدمر لبنان من دون أن يحاسبها أحد، وتطلب من الدولة أن تُعيد إعماره عندما ينتهي القتال".