بعد احداث الساحل ... هل مسيحيو سوريا في خطر؟!

بعد احداث الساحل ... هل مسيحيو سوريا في خطر؟!

image

بعد احداث الساحل... هل مسيحيو سوريا في خطر؟!
القلق سيد الموقف وهم بحاجة إلى "أكثر من الوعود الشفوية"

"اخبار اليوم"

تشكل المسيحية في سوريا ثالث اكبر طائفة، اذ كانت تتراوح نسبة المسيحيين فيها بين 8% إلى 10% من إجمالي عدد السكّان قبل العام 2011، وتشير أغلب الإحصائيات إلى أن حوالي نصفهم من الروم الأرثوذكس، في حين تُشكّل سائر الطوائف النصف الآخر. لكن أعدادهم تراجعت بشكل كبير ليصبح عددهم الآن أقل من مليون نسمة.
ويتركز المسيحيون في محافظات حلب والحسكة ودمشق وحمص وطرطوس، وهي مدن تاريخية تضم أعدادًا كبيرة من ابناء هذه الطائفة الذين يعانون من آثار الحرب والنزوح.
بعد انهيار نظام الرئيس بشار الأسد، انتشرت مشاعر القلق والخوف بين الأقليات الدينية بسبب طبيعة النظام الجديد وخلفيته المتطرفة. وهذه المشاعر عادت لتظهر من جديد مع الاحداث في الساحل السوري وسقوط عدد كبير من القتلى تخطى الألف بين صفوف العلويين خلال ايام معدودة.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، حين تسلم السلطة قد قام بخطوة رمزية في محاولة لطمأنة الأقليات تمثلت في لقاء القادة المسيحيين في العاصمة دمشق عشية رأس السنة الجديدة. وهو ايضا منذ أن تولى السلطة، أكد مراراً على أهمية الحفاظ على وحدة البلاد، مشدداً على إنه "لن يتم استبعاد أية طائفة، وأن حماية الأقليات مسؤولية تقع على عاتقنا"، فضلا عن تعيين الناشطة المسيحية هند قبوات عضوا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للحوار السوري. وفي هذا الوقت استمرت الكنائس السورية في أداء أنشطتها تحت حماية السلطات الجديدة.
لكن على مستوى الاحتضان الدولي يبدو وكأن مسيحيي سوريا لا يجدون سندا، فقد أبدى رجال دين مسيحيون تخوفا مما آل اليه الوضع الحالي للبلد، وأفصحوا عن رغبة العديد من رعاياهم في الهجرة، كما استغربوا عدم تلقيهم أي دعوة لمؤتمر دولي او اقليمي يعقد بشأن سوريا ومستقبل ابنائها، وهو ما يزيد من مخاوفهم.
من جهة اخرى وبعد احداث الساحل السوري، أكد بيان صادر عن الكنائس المسيحية في اللاذقية ردا على ما تم تداوله من شائعات حول مجازر وتهجير للمسيحيين في الساحل السوري، أن الوضع الحالي في المدينة لا يستدعي اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
وأشار البيان إلى أن صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تداولت أخبارا كاذبة عن اضطهاد واسع للمسيحيين وحركة نزوح باتجاه الكنائس. وشدد البيان على أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وأن الوضع في اللاذقية مستقر ولا يتطلب فتح الكنائس لاستقبال النازحين.
ومن جهته، أكد ممثل الكنيسة المسيحية الارثوذكسية في سوريا سبيريدون طنوس، أن المسيحيين في سوريا هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وأن مصيرهم مرتبط بمصير كل سوري حر. شدد طنوس على أن المجتمع الدولي لا ينبغي أن يقلق بشأن المسيحيين وحدهم، لأن سوريا بلد لجميع أبنائها من مسلمين ومسيحيين. وأشار إلى أن الحل يكمن في إعادة بناء سوريا لكل السوريين، إذا كان هناك اهتمام حقيقي بمصير المسيحيين.
ولكن هل هذا كافٍ لطمأنة المسيحيين؟ فأن الجواب يأتي على لسان العديد منهم، "القلق سيد الموقف"، وهو ما عبر عنه رئيس الكنيسة السريانية الأرثوذكسية العالمية البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني حين اكد في مطلع شباط الفائت أن المسيحيين "بحاجة إلى أكثر من الوعود الشفوية. لا يزال هناك خوف، لأننا يجب أن نرى الدستور الجديد الذي يضمن حقوق جميع السوريين."
في هذا السياق، سقوط نظام الاسد السريع، وتولي الشرع سدة الرئاسة دون انتخابات ديموقراطية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل سوريا حيث الوضع فيها معقد ومليء بالتحديات، خاصة وان مختلف الطوائف تأثرت بالصراع المستمر في البلاد، وفي مقدمها المسيحية التي تواجه في العقدين الاخيرين تهديدات من بعض الجماعات المتطرفة التي رأت فيها هدفًا بسبب الهوية الدينية.
وبالتوازي، فان استهداف العلويين في الايام الاخيرة يزيد من التوترات الطائفية في البلاد، مما قد يترك أثرًا مباشرا على المسيحيين، إذ قد يتزايد الخوف من العنف أو الهجمات الطائفية، او الصراع ذات الطابع الطائفي، لا سيما في ظل الكلام عن اهداف لتقسيم سوريا.
على اي حال سوريا التعددية تواجه تحديات كبيرة، والتساؤل الاساسي حول كيفية الحفاظ على هذا التنوع واحترام حقوق جميع الطوائف والعرقيات؟ وهل سيحميها الدستور الجديد؟ والاهم متى سيصدر؟!