الفترة الانتقالية في سوريا تخرج عن إطار النظريات الدستورية القديمة والحديثة
جهاد اسماعيل لـ"اخبار اليوم": سيادة الشعب هي صفة أصلية لا تبعية
خاص - "أخبار اليوم"
تعليقا على صدور الإعلان الدستوري في سوريا، أشار الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل، في حديثٍ لوكالة "اخبار اليوم"، إلى ان "الاعلان الدستوري هو التزام سياسي تتعهد السلطة الانتقالية بتنفيذ مضامينه إلى حين اقرار دستور جديد للبلاد، الا أنه من نتاج أصحاب المدرسة الواقعية الّتي ابتكرت في مصر إبان الثورة عام ٢٠١١، في حين أن النظرية الوضعية، والّتي تبناها الفقه الدستوري الفرنسي القديم والحديث، تعتبر ان الاعلانات الدستورية السابقة لإقرار دستور جديد ليست اعمالا أو تصرفات قانونية.
واضاف اسماعيل: بالتالي لا قيمة لها، وهو رأيٌ يؤيده كبار الفقهاء أمثال "كلسن" و "مالبرغ"، بدليل أن الإعلان الفرنسي الصادر عام ١٧٨٩، عقب الثورة الفرنسية آنذاك، كرّس سيادة الشعب بصفة أصلية لا تبعية، في حين أن الاعلان الدستوري السوري يكرّس سيادة السلطة من خلال انبثاقها وصلاحياتها سواء في غياب مادة تنظّم انبثاق الرئيس الانتقالي أو في اختيار اعضاء مجلس الشعب بناءً على قرار الرئيس الانتقالي وفق المادة ٢٤ من الاعلان الدستوري عوضاً عن الشعب.
وتابع: هذا ما يعني أن الانتخاب الشعبي محظورٌ بقوة الاعلان الدستوريّ، وبالتالي لا مجال للقول بالنظرية الاجتماعية الّتي تشير الى أن وجود الدولة هو عملية اجتماعية سياسية تقوم كأمر واقع تليها الشرعية ومن ثم القانون، لكونها تُطبّق على دولة لم تتأسس بعد أو على مجتمعات قبلية ومن الصعب جدا أن تصح في غيرها، وكذلك مجتمع سياسي ينطلق من الإرادة العامة، مما يُخرجها عن اطار الشرعية الديمقراطية وبالتالي عن النظريات الدستورية القديمة والحديثة".
وردا على سؤال، أوضح اسماعيل "إنّ تحديد الفترة الانتقالية بخمس سنوات في المادة ٥٠ من الاعلان الدستوري ومن خلال آلية التعيين مخالف أصلا للمدرسة الواقعية المصرية قبل أن يخالف النظرية الوضعية لجهة المدة وطريقة انبثاق أو تشكيل السلطات، اذ أن الاعلانات الدستورية في مصر، قديما وحديثا، لم تتجاوز ٣ سنوات، بل أحيانا لأشهر أو أيام، علاوةً على أن الاعلان الدستوري الصادر في ١٣ شباط ٢٠١١ وافق عليه غالبية الناخبين باستفتاء شعبي؛ وكذلك الاعلان الدستوري الصادر في ٣٠ اذار صُادق بموجب الاستفتاء الشعبي، وفي ١٣ آب ٢٠١٢ قام الرئيس السابق محمد مرسي باصدار اعلان دستوري جديد ينص في مادته الثالثة على أن "اذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التاسيسية لعملها قام رئيس الجمهورية بتشكيل جمعية تأسيسية جديدة خلال خمسة عشر يوما لإعداد مشروع دستور جديد خلال ثلاثة أشهر من تشكيلها ثم يعرض على الشعب للاستفتاء فيه خلال ثلاثين يوما."
وفي هذا السياق، شرح اسماعيل ان "ثمّة فترة انتقالية شهدتها الجمهورية الرابعة في فرنسا، الا أنها وإن كانت وجيزة جدا لكنها لاقت رفضا واسعا لدى الفقه الدستوري، على الرغم من أنها ترافقت مع عملية انتخابية أو شعبية حينما أجرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية بقيادة الجنرال شارل ديغول استفتاء تزامن مع انتخاب جمعية تشريعية في ٢١ تشرين الأول ١٩٤٥ ، الأمر الذي أسفر عنه تحويل الجمعية المنتخبة إلى جمعية تأسيسية مع الموافقة على مشروع القانون المرفق الذي نظّم السلطات العامّة بصورة مرحلية، حيث تولّت الجمعية المنتخبة إقرار مشروع الدستور الجديد ومصادقته بموجب الاستفتاء ، على ان تتولى الجمعيّة التأسيسية انتخاب رئيس انتقالي للحكومة يتولّى تشكيل حكومة مسؤولة سياسيا أمام الجمعية، وبالتالي ان صلاحيات الجمعية انتهت، حينذاك، عند دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ."