لبنان غني بذهبه... فكرة التسييل مطروحة بين الرفض والتأييد!
خبير مالي: توظيفه في الخارج او الاستفادة من فارق الاسعار لا يعني التفريط به
خاص - "اخبار اليوم"
"لبنان غني بذهبه"، هذا ما اكده التقرير الصادر عن المجلس العالمي للذهب في شباط الفائت، الذي افاد أن "لبنان احتل المرتبة الثانية عربيا والمرتبة عشرين عالميا في تصنيف الدول الأكثر احتفاظا بالذهب في العالم" اذ يمتلك287 طنا، أي حوالى 10 ملايين أونصة. ويحتفظ لبنان بثلث احتياطي الذهب في قلعة "فورت نوكس" الخاضعة لحراسة أميركية، فيما أبقى على الثلثين في خزائن المصرف المركزي في بيروت.
وفي السياق عينه، أظهرت دراسة أعدّها كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي د. غربيس إيراديان أن لبنان احتلّ المرتبة الأولى عالمياً في معدل احتياطي الذهب نسبة إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة تصل إلى 76.5 في المئة وهي الأعلى عالمياً، نتيجة ارتفاع قيمة احتياطي الذهب للبنان إلى 27,002 مليار دولار وتقديراته بأن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي في 2025 حوالى 35 مليار دولار.
في موازاة ذلك، يواصل سعر الذهب عالميا الارتفاع، اذ قفز اليوم الى مستوى قياسي، مسجلا 3052.92 دولارا للأوقية (الأونصة)، ذلك بعد ما ألمح مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى احتمال خفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية بحلول نهاية العام، مما عزز من جاذبية الذهب وسط استمرار الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية.
وبالعودة الى احتياطي الذهب في لبنان، تطرح مجددا فكرة "تسييل الذهب" من اجل تسديد الودائع، الامر الذي يقابل بوجهتي نظر، الاولى ترفض المساس به، والثانية تدعو الى وضعه على طاولة النقاش من اجل البحث عن الحلول.
اصحاب النظرية الاولى يؤكدون ضرورة الاحتفاظ به كونه ما زال يعطي شيئا من الثقة، ويبدون خشيتهم من "سرقته او هدره" مذكرين ان الفضل في تكوين هذه الثروة يعود إلى رئيس الجمهورية الراحل الياس سركيس، الذي أدخل البلاد إلى نادي الدول الذهبية بعد شرائه خمسة ملايين أونصة لحساب الخزانة حين كان حاكماً لمصرف لبنان في ستينيات القرن الماضي. لاحقاً عمدت الحكومات المتعاقبة إلى شراء المزيد لزيادة احتياطي الذهب لدى البنك المركزي ليتوقف هذا المسار في أوائل السبعينيات مع قرار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون فك ارتباط الذهب بالدولار نتيجة الضغط المتزايد على شرائه من قبل الدول.
وبالتالي يشدد هؤلاء على ان مسؤولية ديون الدولة يجب أن تقع على الحكومة، فلا يجب تحميلها للأجيال المستقبلية التي لم يتبق لها من دولتها، إلا احتياطي الذهب".
اما بالنسبة الى النظرية الثانية، فيقول خبير مصرفي، عبر وكالة "أخبار اليوم": "الذهب موجود من اجل استعماله عند الحشرة ولا يوجد اكثر "من الحشرة الراهنة"، حيث لا يملك مصرف لبنان السيولة من اجل تسديد الودائع، لكنه في المقابل يملك ما بين عشرة مليارات دولار احتياطي وما يفوق الـ 30 مليار دولار من الذهب.
واذ انتقد الخبير التحجج ببعض الذرائع من اجل التخلف عن رد الودائع او تقسيطها، اشار الى ان ما هو مطروح بالنسبة للذهب لا يعني اطلاقا التفريط به، بل يمكن استثمار جزء منه من خلال توظيفه في الخارج، وبذلك يحصل مصرف لبنان على فائدة تستخدم في تسديد الودائع بدل الاستمرار في دفع بدلات حفظ الذهب. كما يمكن الاستفادة من الفارق الذي حققه الذهب ما بين العام 2019 ولغاية اليوم لتسييلها من اجل تسديد الودائع.
وهنا يسأل الخبير المصرفي عينه من ينادي بالثقة وحفظه للاجيال القادمة، هل حمى الذهب من ادراج لبنان على اللائحة الرمادية او تصنيفه السلبي من قبل مؤسسات التصنيفات العالمية، وما الذي سيسلم للأجيال القادمة اذا تم القضاء على الجيل الحالي؟
وختم: صحيح ان ليس كل الناس من اصحاب الودائع، لكن في المقابل الجميع استفاد من سياسة الدعم ومن القروض المسهلة حين كان سعر صرف الدولار 1500 ل.ل.