جلسة تشريعية محورية غداً وسط غياب بند أساسي ومناشدة لإنصاف متعاقدي "الإعلام"

جلسة تشريعية محورية غداً وسط غياب بند أساسي ومناشدة لإنصاف متعاقدي "الإعلام"

image

جلسة تشريعية محورية غداً وسط غياب بند أساسي ومناشدة لإنصاف متعاقدي "الإعلام"
هل تتسم الجلسة بروح وطنية عالية تضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الفئوية؟!


داود رمال - "اخبار اليوم"
يتجه مجلس النواب اللبناني غداً الخميس إلى عقد جلسة تشريعية تحمل طابعاً استثنائياً بفعل زخم جدول أعمالها الذي يتضمن مجموعة واسعة من مشاريع واقتراحات القوانين، تتراوح بين ملفات اقتصادية ونقدية ملحة وإصلاحات مؤجلة وقضايا معيشية ضاغطة. وتأتي هذه الجلسة في ظل مشهد سياسي مأزوم يتطلب مقاربات مسؤولة وجدية بعيداً عن الحسابات الضيقة.
أبرز ما يتصدر جدول الأعمال هو مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم ١٠٣ الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون سرية المصارف الصادر عام ١٩٥٦، بالإضافة إلى المادة ١٥٠ من قانون النقد والتسليف، ما يعكس محاولات حثيثة لإعادة تنظيم العلاقة بين النظام المصرفي والرقابة الرسمية، خصوصاً في ظل الأزمات المتراكمة التي طالت الثقة بالقطاع المالي اللبناني. هذا التعديل يحظى بترقب محلي ودولي نظراً لتأثيره المباشر على ملف الإصلاحات المالية الذي تطالب به المؤسسات المانحة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.
وفي السياق المالي أيضاً، يبرز مشروعان حكوميان متصلان بالإطار الدولي: الأول الإجازة للحكومة بالاكتتاب في زيادة رأسمال مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والثاني زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي، في خطوة تعكس السعي لإبقاء لبنان حاضراً ضمن شبكات التمويل الدولية رغم أوضاعه الاقتصادية المتدهورة.
على صعيد التشريعات النقدية، يظهر اقتراح قانون تعديل المواد من ٢ إلى ٧ من قانون النقد والتسليف وإنشاء مصرف لبنان، ما يفتح الباب أمام إعادة هيكلة دور المصرف المركزي، وهي عملية شديدة الحساسية في ضوء الأوضاع النقدية الحرجة. إلى جانب ذلك، يُطرح اقتراح قانون إنشاء مناطق اقتصادية لا مركزية خاصة للصناعات التكنولوجية، ما يعكس توجهاً لدعم الابتكار وتحفيز الاستثمار في الاقتصاد الرقمي.
أما في الجانب الاجتماعي والمعيشي، فتلحظ الجلسة مشاريع حيوية أبرزها اقتراح تعديل قانون العمل بما يتيح اعتماد العمل المرن، ما من شأنه التكيف مع متغيرات سوق العمل الجديدة. كما تحضر ملفات إعادة الإعمار بقوة من خلال اقتراحات لإعادة بناء الأبنية المتضررة من العدوان الإسرائيلي، وشطب رسوم وضرائب عن مدن وبلدات الجنوب والنبطية.
بلدية بيروت أيضاً حاضرة عبر سلسلة اقتراحات قوانين تهدف إلى إصلاح الهيكلية الإدارية وتعزيز الشفافية والمشاركة الشعبية، وهو ملف شائك طال انتظاره وسط تفاقم مشاكل العاصمة. وعلى المستوى التعليمي، يناقش المجلس اقتراحات تتعلق بتعديل أوضاع الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنات المدرسية.
ولم تغب الملفات الأمنية عن الجلسة، حيث تطرح اقتراحات قوانين تتعلق بتسوية أوضاع متعاقدين في الأمن العام وقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى اقتراح قانون حظر تحويل أموال النازحين السوريين إلى لبنان، وسط تصاعد النقاش حول عبء النزوح وتأثيره على الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
وفي مجال الإدارة والمالية العامة، تطرح اقتراحات لتعديل قانون التجارة البرية وقانون المحاسبة العمومية، مع مشاريع لتسوية أوضاع الأبنية العائدة للمهجرين وإجازة الجامعة اللبنانية لملء شواغرها الإدارية. كما يعود ملف الإيجارات غير السكنية إلى الواجهة مع اقتراحين لتعليق القانون الجديد مدة ستة أشهر ريثما يتم إقرار قانون معدل.
ومع هذا الزخم التشريعي، يسجل غياب ملف كان يفترض أن يشكل بنداً أساسياً على جدول الأعمال، وهو مشروع القانون المتعلق باستفادة المتعاقدين في وزارة الإعلام من نظام التقاعد الوظيفي. هذا الغياب أثار موجة استياء واسعة بين المتعاقدين الذين ناشدوا رئيس مجلس النواب نبيه بري وجميع النواب إنصافهم عبر إدراج المشروع وإقراره خلال الجلسة، تحقيقاً لمبدأ العدالة الوظيفية وحماية لحقوقهم الاجتماعية والمالية.
تتجه الأنظار إلى ساحة النجمة لمعرفة أي من هذه المشاريع والاقتراحات سينجح في اجتياز قطوع المناقشات، وسط مطالب متزايدة بأن تتسم الجلسة بروح وطنية عالية تضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الفئوية، وأن تتحول مناسبة للتأكيد على أن التشريع ما يزال ممكناً رغم كل الأزمات والانقسامات.