هل "التزكية" تعبر عن الديموقراطية وماذا يقول الدستور؟!

هل "التزكية" تعبر عن الديموقراطية وماذا يقول الدستور؟!

image

هل "التزكية" تعبر عن الديموقراطية وماذا يقول الدستور؟!
جهاد اسماعيل يشرح عبر "اخبار اليوم" حقوق الناخب

"اخبار اليوم"

تعليقاً على الدعوة للتوافق البلدي في بعض القرى والمدن على أسماء معيّنة للفوز بالتزكية، أشار الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل، في حديثٍ لوكالة "أخبار اليوم" إلى أن "المشرّع اعتبر الانتخاب هو الأصل، بينما تُعد حالة التوافق او التزكية استثناءً افترضها في الفقرة الثالثة من المادة ٢٦ من قانون رقم ٦٦٥/١٩٩٧ عندما لفت الى فرضية تساوي عدد المرشحين مع عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم فور اقفال باب الترشيح، مما يمنح المحافظ او القائمقام اعلان فوز المرشحين بالتزكية، الأمر الذي يعني ان القانون لا ينظر إلى هؤلاء بمنظار الفائزين الا في أربع شروط جامعة على وجه التلازم: الترشح، ومن ثم موازاة عدد المرشحين مع عدد الاعضاء المطلوب انتخابهم، وتالياً اقفال باب الترشح، وصولا إلى قرار المحافظ أو القائمقام باعلان فوز المرشحين وإن كان يندرج ضمن القرارات الكاشفة لا المنشئة".


وعمّا اذا كانت هناك من امكانية للناخب في الطعن بنتيجة قرار اعلان الفوز بالتزكية، أوضح اسماعيل انه "بالعودة الى قرار مجلس شورى الدولة رقم ٥٠٦/ ٢٠٠٥ فإن صلاحية المجلس كقاضي انتخاب تتخطى نطاق إبطال العملية الانتخابية، انما تصل الى التحقق من شرعية الأعمال الادارية الّتي سبقت وهيّأت ورافقت الانتخاب، مما يعني امكانية الطعن بشرعية الاعمال الادارية السابقة وإن لم تُخض العملية الانتخابية بكلّيتها، بدليل أن مجلس شورى الدولة، في القرار نفسه، أشار الى مدلول صحة الانتخاب، موضوع الطعن وفق المادة ٢٠ من قانون البلديات، يندرج في إطار مراقبة مدى احترام رأي الناخب، وبالتالي لو أراد المجلس حصر الطعن في نتيجة الانتخاب فقط لكان عبّر عن مفهوم آخر وهو المقترع، أيّ ذلك الناخب الّذي مارس حق الاقتراع، علاوةً على أن المادة ١٠٩ من نظام مجلس شورى الدولة لم تحصر صاحب المصلحة في الطعن بالمرشح الخاسر، بل بكل ناخب بالمنطقة ذات العلاقة".

ورداً على سؤال، شرح اسماعيل "وإن كانت التزكية حالة قانونية تدخل في صلب ممارسة الحقوق او الحريات السياسية للمواطنين، أيّ في اتخاذ قرار الترشّح أو الامتناع عنه، الا أنّه لا يجوز أن تكون نتيجة إكراه أو ضغط على سائر المرشحين انطلاقاً من أن المادة ١٦ من قانون البلديات كانت قد أكدت بأنه تسري على الانتخابات البلدية أحكام قانون انتخاب اعضاء مجلس النواب في كلّ ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، لا سيما أن المادة ٧٤ من قانون الانتخاب حظّرت بثّ كلّ ما من شأنه أن يشكّل وسيلة ضغط أو تخويف أو تخوين أو اغراء بالوعود أو المكاسب، وهذا أمرٌ يتنبّه اليه مجلس شورى الدولة، فور الطعن، لكونه يُعمل رقابته على الأعمال التمهيدية للعملية الانتخابية".

وأردف اسماعيل، قائلا:" لكن التزكية، في آنٍ، حالة غير ديمقراطية، لكونها تعطّل حقّ الاقتراع كمبدأ ذي قيمة دستورية، بدليل أن المجلس الدستوري، في قرار رقم ٦/ ٢٠٢٣، أكّد بأن مبدأ الانتخاب هو التعبير الأمثل للديمقراطية وبه تتحقق ممارسة الناخبين سيادتهم ويرتكز التمثيل، حينئذٍ، على مشاركة الجماعات المحلية في إدارة شؤونها من خلال مجالس منتخبة، مما يعني أن الانتخاب، من منظار حيثيات المجلس الدستوري، يطغى على التوافق والتزكية ويعبّر تعبيراً صحيحاً عن الديمقراطية، في حين أن التوافق يُحرم الناخب من سيادته على تمثيل آخرين في المجالس البلدية".